تمثل أفريقيا عمقا رئيسا فى جغرافيا مصر وتاريخها، ولأنها هذا العام ستكون القاهرة رئيسة للاتحاد الافريقى، لذا فإننا سوف نكشف الكثير من الوجوه الثقافية لأفريقيا ومنهم الكاتب الكبير تشنوا أتشيبى صاحب الرواية الشهيرة أشياء تتداعى.
الأشياء تتداعى، رواية باللغة الإنجليزية للكاتب النيجيرى تشينوا أتشيبى، صدرت عام 1958 عن دار وليام هاينمان فى المملكة المتحدة.
وينظر لهذه الرواية على أنها أدب أفريقى توراتى حديث بالإنجليزية، وهى إحدى أولى الروايات التى حصلت على إشادة من النقاد العالميين، تعتبر هذه الرواية كتاباً أساسياً فى المدارس فى جميع أنحاء أفريقيا، ويتداولها القرّاء على نطاق واسع فى الدولة الناطقة باللغة الإنجليزية فى جميع أنحاء العالم، استلهم تشينو اسم الرواية من قصيدة لويليام بتلر ييتس بعنوان "الآتى التالى".
تصوّر الرواية حياة "أوكونوكو"، زعيم وبطل مصارعة محلى فى يوموفيا، وهى واحدة من مجموعة من تسع قرى خيالية فى نيجيريا، يسكنها إغبو (شعب) (فى روية "إيبو"). وتصف عائلته وتاريخه الشخصى وعادات مجتمع الإيبو، وتأثير الإمبراطورية البريطانية والمبشرون المسيحيون على مجتمع الإيبو خلال أواخر القرن التاسع عشر. بعد رواية "الأشياء تتداعى" كتب تشينو أتشيبى عدداً من الروايات منها "لم يعد سهلاً" عام 1960، و"سهم الله" عام 1964. صرّح أتشيبى بأن رواتيه التاليتين "رجل من الناس" (1966) و"أنثيليس من السافانا" (1987) خلفتا روحياً الروايات السابقة التى تؤرخ للتاريخ الأفريقي.
وعن الرواية قال صبحى موسى فى" الحياة" هى واحدة من الروايات المنتمية إلى عصر الكولونيالية، فيرصد الكاتب عالمه بعين الباحث الأنثربولوجى عن عادات الشعوب البدائية وتقاليدها وثقافتها، موضحاً المفاتيح الأساسية فى حياة هذه الشعوب، من هذا المنطلق جاءت «أشياء تتداعى» لتقدم لنا حياة قبيلة أفريقية تؤمن بأرواح الأسلاف وحضورها فى حياة أحفادها، وبدا أتشيبى كما لو أنه خصص كل فصل فيها لطقس موروث، من خلال تتبعه سيرة حياة «أوكونكو» الذى لم يرث مالاً أو جاهاً عن والده الذى لم يحمل لقباً واحداً يتفاخر به فى القبيلة، لكن «أوكونكو» استطاع أن يبنى عالمه الخاص بجهده الفردى، ليصبح واحداً من المحاربين المشهورين فى القبيلة ويحصل على ثلاثة ألقاب، ويتزوج بثلاث نساء وينجب نحو عشرة أبناء، مؤهلاً نفسه لأن يكون واحداً من رؤساء القبيلة وحكمائها، إلا أن حادثة نفيه لقتله شخصاً بالخطأ فى حفل زواج ابنة صديقه أجّلت هذا الحلم، وحين عاد كانت الحياة قد تغيرت بظهور الرجل الأبيض وبناء كنيسته للمنبوذين ومنعدمى الألقاب من أبناء القبيلة الذين دخلوا فى الدين الجديد، وتنتهى الرواية بإيقاع متسارع يشهد عدداً من الحوادث كاعتداء أحد المسيحيين الجدد على أحد أرواح القبيلة، وقرار «أوكونكو» وغيره من الحكماء حرق الكنيسة من دون قتل أحد، ليجدوا أنفسهم فى ما بعد معتقلين من جانب الحاكم الإقليمى للاستعمار، وحين يدفعون فدية خروجهم يجتمعون لمناقشة إمكانية الرد، لكن ستة من جنود المحتل يجيئون لفض اجتماعهم، ما يجعل «أوكونكو» المحارب يخرج سيفه ويقتل أحدهم، لكنه حين يرى أن أهل قبيلته يؤثرون السلامة يدرك أنهم انحازوا إلى خيار السلام لا الحرب، وفى مشهد مؤثر يأتى الحاكم الإقليمى للقبض عليه، فيصطحبه صديق «أوكونكو» إلى بستان بيته حيث يجده معلقاً من عنقه فى حبل، من دون أن يستطيع أحد الاقتراب منه لدفنه، وتنتهى الرواية بكلمة صديق «أوكونكو» للحاكم: «كان هذا الرجل من أعظم الرجال فى أوموفيا، دفعتموه لكى يقتل نفسه، والآن سيدفن مثل أى كلب».