صدر حديثًا عن المركز القومى للترجمة برئاسة الدكتور أنور مغيث، الطبعة العربية من كتاب "السامية ومعاداتها.. سؤال حول الصراع والتحيز"، والكتاب هو أحد أشهر كتب المستشرق برنارد لويس، ترجمة زبيدة محمد عطا.
كتاب "السامية ومعاداتها "يعتبر واحدًا من أهم الكتب التى كتبها برنارد لويس، والذى يعد أحد أكبر المؤرخين فى العالم ويتناول فيه محاور عده تدور حول نظرية معاداة السامية، والذى حاول الكاتب جاهدًا أن يرجعها إلى موقف ضد يهود العالم خلال فترات زمنية متعددة، ولا يخفى تحيزه لإسرائيل خاصة أن الكاتب كان أحد المشاركين غير المباشرين فى صناعة القرار فى أمريكا فى فترة المحافظين، كما أكد ذلك "ديك تشينى" نائب الرئيس الأمريكى الأسبق، هو يتخذ موقفًا ضد أوروبا وروسيا لوقوفها بجانب العرب، وأيضًا تظهر مواقفه المتحيزة لإسرائيل فى اتجاهات عديدة كموقفه اتجاه المذابح الإسرائيلية كدير ياسين وصبرا وشتيلا، حيث اتهم كل من المسيحية والإسلام باتخاذ موقف ضد اليهودية، وكيف حاول العرب منع قيام دولة إسرائيل، مع تأكيده الدائم على معاناة اليهود على يد الألمان فى ألمانيا النازية.
تطرح مترجمة الكتاب الدكتورة زبيدة عطا، حقيقة أن برنارد لويس هو واحد من اكبر مؤيدى الصهيونية والذى يرى أن الصراع هو صراع حضارات وأن الإرهاب صناعة إسلامية، حيث أنه يرى دائما أن معظم المسلمين ليسوا من الأصوليين كما أن معظم الأصوليين ليسوا إرهابيين ولكن معظم الإرهابيين فى عصرنا مسلمون ويفتخرون بهذا.
وفى هذا السياق يرى المفكر الراحل إدوارد سعيد، أن العلاقة الوثيقة بين السياسات والدراسات الاستشراقية حول الإسلام، هو أن الاحتمال الكبير لإمكانية استخدام الأفكار المستنبطة حول النزوع الطبيعى إما للذاتية أو الموضوعية وحول النقاء من التحيز فى البحث العلمى أو تؤاطؤ لصالح التجمعات التى تمارس الضغوط فى الميادين التى تتعلق بالدين والأقليات الدينية والعرقية وهذا ينطبق على برنارد لويس، فقد بذل أقصى جهده العلمى للهجوم على الإسلام والمسلمين؛حيث رأى أن الخطأ ليس فى المسلمين فقط إنما فى تعاليم الإسلام وأنه دين يحث على العنف مستخدمًا مصطلح الجهاد رمزًا للعنف والدموية .
برنارد لويس، المؤرخ الشهير(31 مايو 1916-19 مايو 2018) يطوع المادة وفقًا لأهوائه ويعيب فى نفس الوقت على تحيز المؤرخين وخضوعهم لدوافعهم الشخصية فى تحليلهم للتاريخ، وكمثال فهو يهاجم جارودى ويصفه بالتحيز والعنصرية ضد اليهود والسامية ويتناسى انه أدين أمام محكمة فرنسية بالتحيز والعنصرية.فكانت تهمة جارودى أنه قلل من حجم الهولوكست، أما لويس فأنه رفض الاعتراف بأن ما حدث للأرمن على يد العثمانيين هو إبادة جماعية، حيث نفى ذلك فى كتابه "نشأة تركيا الحديثة" ولكنه عاد فوصفها بمذبحة مرعبة، وقد أدى موفقه المتغير إلى دفع عددًا من المؤرخين والصحفيين الذين رأوا أن لويس تورط فى تعديل التاريخ خدمة لأهدافه السياسية ومصالحه الشخصية، من ناحية اخرى تجمع المصادر الأوروبية أن برنارد لويس كان وراء الحرب على العراق، ويرجع ذلك لصلته القوية آنذاك بالرئيس الأمريكى بوش ونائبه ديك تشينى.
مؤلف الكتاب له عدد كبير من الكتب التى ينصب اهتمامها على العرب والمسلمين، منها:"العرب فى التاريخ"، "نشأة تركيا الحديثة"، "الحضارات فى صراع :المسيحيون والمسلمون واليهود فى عصر الاكتشافات"، "لغة الاسلام السياسية"و "اكتشاف المسلمين لأوروبا".
مترجمة الكتاب الدكتورة زبيدة محمد عطا، أستاذ التاريخ الإسلامى والوسيط والعميد الأسبق لكلية الآداب بجامعة حلوان، حاصلة على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية فى عام 2003، لها عدد كبير من المؤلفات؛ نذكر منها:"إسرائيل فى النيل"، "يهود العالم العربى"، "يهود مصر التاريخ الاجتماعى"، "اليخود ودعاوى الاضطهاد" و"الفلاح المصرى بين العصرين البيزنطى والإسلامى".