بقدر ما يشعر المصريون والعرب ككل بالسعادة لتتويج الفنان الأمريكى والمصرى الأصل رامى مالك بجائزة أوسكار المرموقة، لأفضل ممثل فإن قصته تشكل إلهاما جديدا بإمكانية تحويل الأحلام لقصص نجاح فى أرض الواقع وسماء الشهرة العالمية .
وفيما تتفق تقارير لصحف ووسائل إعلام مصرية وعربية وغربية على حالة الفرحة الظاهرة فى الشارع المصرى والعربى ككل ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعى، منذ الإعلان عن فوز رامى مالك بجائزة أوسكار يتردد اسم مسقط رأس عائلته فى تلك العزبة الصغيرة بقرية "الطيبة" مركز سمالوط فى محافظة المنيا بصعيد مصر.
ولن يكون من الغريب أن تشكل حياة رامى مالك وسيرته الذاتية مددا ثقافيا فى الغرب لكتب جديدة وذات مستوى ثقافى رفيع من حيث التناول والصياغة، وهى ظاهرة ثقافية غربية بشأن "ايقونات ونجوم هوليوود" الذين بات رامى مالك يحتل مكانته بينهم عن جدارة.
وهذا ما يتجلى مثلا فى كتب مثل :"المتمرد الأمريكى" وهو يدخل فى ادب السيرة الذاتية ويتناول فيه مارك إيليوت حياة المخرج والممثل الهوليوودى الكبير كلينت ايستوود الذى ولد فى نهاية شهر مايو عام 1930 وكتاب "افا جاردنر: الحوارات السرية" وهو كتاب اعتمد على أوراق تركتها الممثلة الأمريكية، الراحلة افا جاردنر ذاتها والتى كانت توصف "بأسطورة هوليوود" وعكف على تحريره بيتر ايفانز وهناك ايضا كتاب "حياة باربارا ستانويك" بقلم فيكتوريا ويلسون عن تلك الممثلة الأمريكية التى قضت فى مطلع العقد الأخير من القرن العشرين.
وهوليوود كأشهر حاضرة للسينما فى العالم تشكل معينا لا ينضب لكتب جديدة مثل ذلك الكتاب الذى صدر بعنوان: "إعادة ابتكار هوليوود" بقلم ديفيد بوردويل فيما ترتبط جوائز الأوسكار ارتباطا وثيقا بهوليوود التى تقع فى نطاق لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية حتى إن اشتراطات ترشيح أى فيلم لهذه الجوائز تتضمن ضرورة ان يكون قد عرض فى صالات السينما بكاليفورنيا خلال العام السابق على الاحتفالية السنوية للجوائز وهى الاحتفالية التى تقام فى مدينة لوس انجلوس.
وفيما بدا رامى مالك حريصا فى كلمته عقب فوزه بجائزة أوسكار التى توصف بأنها "أهم جائزة سينمائية فى العالم" على تأكيد حقيقة أنه "ابن لمهاجرين مصريين"، للولايات المتحدة فقد أعرب أيضا عن شعور بالامتنان "لكل من وثق فى موهبته ومد له يد المساعدة".
وعبر حسابها الرسمى على موقعى "فيس بوك وتويتر" للتواصل الاجتماعى وجهت السفارة المصرية فى واشنطن تهنئة حارة "لأول أمريكى مصرى يفوز بجائزة الأوسكار" فيما أكدت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج فى سياق تهنئتها لرامى مالك على "قدرة المصريين بالخارج على تحقيق الإنجازات" فى مختلف المجالات.
وكان رامى مالك البالغ من العمر 37 عاما قد توج بجائزة أوسكار لأفضل ممثل فى الدورة الـ91 لجوائز الأوسكار فى وقت متأخر من مساء الأحد الماضى عن دوره فى فيلم "بوهيميان رابسودى" الذى يجسد فيه شخصية المغنى والملحن فريدى ميركورى نجم فرقة الروك البريطانية "كوين" .
وبالإضافة لجائزة أفضل ممثل حصدت "الملحمة البوهيمية" التى اقتربت إيراداتها الآن من المليار دولار ثلاث جوائز أخرى للأوسكار عن أفضل هندسة صوت وأفضل مونتاج وأفضل "مونتاج صوت" ليكون هذا الفيلم الذى ينقش قضايا تتعلق بتحديد الهوية وينتصر لأفكار التنوع الانسانى من أكثر الأفلام المتوجة بجوائز الأوسكار فى دورتها الواحدة والتسعين التى تجلى فيها على نحو لافت الاهتمام بقضايا التنوع.
وكثير من التعليقات حول تتويج هذا الفنان المنحدر من أصل مصرى لعائلة فى "عزبة فلتاؤوس بمحافظة المنيا" بجائزة أوسكار لأفضل ممثل تؤكد أنه يحمل جينات حضارة انتصرت دائما للتسامح وأفكار التنوع الإنسانى ونهض بدور تاريخى فى تعظيم قيم الحق والخير والجمال فى الضمير الإنسانى.
وتفيد كتابات حول مسيرة هذا الفنان المصرى الأصل أن طريقه للشهرة فى هوليوود لم يكن "مفروشا بالورود"، فقد تعرض لانتقادات حادة منذ نحو تسعة أعوام، عندما شارك فى المسلسل التلفزيونى "ذى باسفيك" وكاد أن يرحل من هوليوود، ويعتزل الفن مبكرا لولا دعم الفنان الكبير توم هانكس الذى فاز من قبل بجائزة الأوسكار مرتين وكان مقتنعا بموهبة رامى مالك.