استخدم مؤلف الكتاب الدكتور أحمد الرجال تعبير "هاتف الخلافة " ليكون عنوانا لما عايشه فى تنظيم تداعب أحلامه فيه استعادة الخلافة الإسلامية حين كان طالبا فى مطلع حياته فى كلية الطب بجامعة الإسكندرية ولم يتجاوز بعد سن العشرين من عمره.
كانت الأحلام تصور للمؤلف أن حلم الخلافة سيعود عبر التنظيم الذى يقوم هو وزملاؤه صغار السن بتأسيسه، دون أن يدرى أن هذه التنظيمات ليست سوى مصيدة لخيرة شباب مصر والعالم العربى والإسلامى للدخول فى مواجهة غير محسوبة مع الدولة تكون نتيجتها قتل الأنفس المعصومة التى حرم الله قتلها إلا بالحق ، ودخول التيارات الإسلامية فى عداوة مع دولهم بلا معنى سوى أوهام حول قدرة تلك التنظيمات على عمل المستحيل، بينما تلك التنظيمات فى الحقيقة لا تقود تلك الجماعات وشبابها فى الحقيقة إلا إلى المجهول.
الدكتور كمال حبيب، شرح فكرة الهاتف فى مقدمته للكتاب وحاول بناء وصف لمعنى الهاتف وبعض المؤشرات التى تساعد على إمكان استخدام مصطلح الهاتف لفهم دوافع الشباب الذى يقدم حياته بلا ثمن فى سبيل أوهام لا تأتى كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، وكما يقول فى مقدمة الكتاب "الهاتف فى الحقيقة هو فعل نفسى ذو طبيعة حشدية تنادى فى الإنسان عوامل الإقدام والشجاعة والنخوة لاستعادة ما فقد ، ومن ثم تثير قلقه وتدفعه للتحرك بلا خطة ولا سؤال عن المستقبل ولا بحث عن الكيفيات ولكنها صيحة غامضة مجهولة تحيط بالنفس والروح تدفعها إلى أقدارها حتى لو كان فى ذلك حتفها أو موتها".
يشرح كاتب المقدمة أن المؤلف عاش بهواتفه التى زينها له أصدقاؤه، وهنا أحد المشكلات الكبرى فيما يمكن أن نطلق عليه "هواتف الإسلاميين"، التى تزين لهم وتحسن لهم وتمدح لهم الطريق فى مبتدأه، ثم حين يسيرون خطوات إلى الأمام فإن الهواتف تبقى هى الطاغية والمسيطرة.
حين سأل مؤلف الكتاب أحمد الرجال "وهو عضو فى التنظيم عن أمير التنظيم قالوا إنه رجل مهم وله علاقة بكبار المسئولين ويخالط المتنفذين فى الدولة، وأنه عقلية فذة وكبيرة، وأن التنظيم فيه عسكريون وهم من سيقومون بالعمليات الرئيسية بينما المدنيون سيعاونون فى هذه القصة، وحين جد الجد فإن التنظيم لم يكن فيه عسكريون، بل إن عملية الفنية العسكرية ذاتها التى تم إقحامها على خطط التنظيم جاءت بعد أن تعجل أعضاء التنظيم من الشباب تنفيذ انقلابهم ضد الدولة المصرية ونظام السادات وهنا وجد صالح نفسه مكرها على تنفيذ خطة وضعها كارم الأناضولى انتقاما من قادته الذى كان بينه وبينهم خلافات قاسية ، أشار إلى بعضها فى خطبته أمام المحكمة.
ويشير حسن الهلاوى فى شهادته بالكتاب عن قيام الشباب المصرى المتعجل الصغير المندفع بالانقلاب فعلا على صالح سريه واضطر هو أمام ذلك الانقلاب والاتهام له بالحرص على حياته وزوجته وأولاده الذين كانوا يبلغون تسعة أولاد أن يقحم الفنية العسكرية فى الخطة وفقا لما أراده كارم الأناضولى فى ذلك الوقت.
وتعد الفنية العسكرية أول محاولة انقلابية ذات طابع عسكرى ضد الدولة المصرية، كما يعد شبابها فى ذلك الوقت من وضع بذرة الفكر السلفى الجهادى القائم على اعتبار أن القوة هى وحدها سبيل التغيير، وأن الحكام كفار ولا بد من مواجهتهم، وهنا أقحم فكر التكفير فى مواجهة الحاكم، لكنه سيتسع من بعد ليشمل دوائر أوسع استطالت حتى نال رذاذها المسلمون جميعا وهنا ندخل من السلفية الجهادية إلى التكفير، وتعد السلفية الجهادية الباب الملكى بلا شك لتكفير المسلمين.