ساهم بكثير من المبادئ والملاحظات فى كل العلوم الإنسانية، لكن لعل أخطر ما تركه لنا هو البحث العقلى فى كل شىء، هكذا كان الفيلسوف اليونانى القديم أرسطو.
وتمر اليوم ذكرى رحيل الفيلسوف القديم أرسطو، إذ رحل فى 7 مارس سنة 322 ق.م، ويعد الراحل واحد من عظماء المفكرين، تغطى كتاباته مجالات عدة، منها الفيزياء والميتافيزيقيا والشعر والمسرح والموسيقى والمنطق والبلاغة، كما أنه واحد من أهم مؤسسى الفلسفة الغربية.
أرسطو كان تلميذا للفيلسوف اليونانى الخالد أفلاطون، وكان لأرسطو تلاميذ عظام من بيمنهم "وثاوفرسطس، وأرسطكاس" لكن ربما يبقى الأشهر هو الفاتح المقدونى الأعظم فى التاريخ الإسكندر الأكبر، صاحب الفتوحات الكبرى فى عصور ما قبل ميلاد المسيح، فهل كان لأرسطو تأثيرا فى هذه الفتوحات التى قام بها الإسكندر المقدونى.
بحسب أستاذ الفلسفة بكلية ماريست فى نيويورك، جوشوا مارك، فإن تأثير أرسطو كانت له نتيجة مباشرة على تعاملات الإسكندر لاحقًا مع الشعوب التى قام بغزوها، والتى لم يفرض على الإطلاق خلالها ثقافة اليونان على سكان المناطق المختلفة، لكنه قدمها بالطريقة نفسها التى استخدمها أرسطو لتعليم طلابه، مشيرًا إلى أن رغبة الإسكندر فى التعلم وتسجيل أكبر قدر ممكن من المعلومات ربما كان نابعا من تعاليم أرسطو وحماسه.
ويستبعد كتاب "أرسطو - أستاذ فلاسفة اليونان - جزء - 9 / سلسلة أعلام الفلاسفة" للدكتور فاروق عبد المعطى، أن يكون تأثير أرسطو ذى أهمية فى تكوين طبع الإسكندر الحربى، وذلك لكون أرسطو كان يكره النظام الملكى وما يستتبعه من ظواهر، وهو ما يظهر فى أعماله "الأخلاق، السياسة"، ولا شك أن نموذج أرسطو للدولة وهى دولة صغرى التى لا أطماع سياسية لها كانت ستبدو فى نظر الملك فيليب وابنه الإسكندر مجرد أثر عتيق من مخلفات الماضى.
ويوضح المؤلف أن قلة تعاطف أرسطو مع مطامع تلميذه تظهر فى نظريات أرسطو السياسية، والتى كان يتأمل بشأنها ويعد لها فى نفس تلك السنوات التى كان الإسكندر فيها يقلب رأسا على عقب فى كل اتجاه الحضارة اليونانية بتأسيسه لإمبراطوريته التى شملت العالم المعروف حينها، مشددًا على أنه إذا كان أرسطو فى نظرياته هو الصحيح المرشد للواقع، إذا لما كان الإسكندر لكانت اليونان آخر ما يستقر عليه الفاتح المقدونى.
ويرجح الكاتب أن السبب فى اختيار أرسطو ليكون معلما للإسكندر هو علاقات أسرته مع البلاط الملكى، هذا بالإضافة إلى صفته كتلميذ لأفلاطون الذى كانت رحلاته إلى صقلية وتدخله فى شؤونها السياسية جعلت مدرسته الأكاديمية تشتهر بكونها المركز العلمى الذى يهتم بدراسة السياسة والتشريع، بينما لم يكن فى ذلك الوقت ظهر أرسطو للناس باعتباره مفكرا مستقلا.