يسعى المجلس الأعلى للثقافة خلال المرحلة القادمة والتى حددها بـ (2018-2022) إلى تفعيل نص القانون 138 لسنة 2017 الخاص بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للثقافة، والذى ينص فى الفقرة الأولى من المادة الثانية على "تخطيط السياسية العامة للثقافة فى حدود السياسة العامة للدولة، والتنسيق بين الأجهزة الثقافية فى أوجه نشاطها المختلفة"، لذا فإنه يعد لاستراتيجية جديدة منها ما يتعلق بمجال رعاية المبدعين فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
وتقول الاستراتيجية إن المجلس الأعلى للثقافة يعمل على تنمية المواهب ورعاية الإبداع الفكرى وحماية حقوق التأليف والأداء، وتشجيع الأعمال الفنية الرفيعة، بموجب النصوص الموضحة فى المواد (2)، و(3)، و(4) من قانون إنشاء المجلس لعام 2017.
وترى الاستراتيجية المستقبلية، التى ينشر انفراد بعض ملامحها، أن ذلك انعكس على دور المجلس الأعلى للثقافة فى منح جوائز الدولة كل عام (النيل والتقديرية والتشجيعية) فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وفقا للقواعد التى نظمها القانون رقم 37 لسنة 1958 وقانون رقم 8 لسنة 2017، وهناك أيضا المسابقات التى ينظمها المجلس سنويا من فائض الموازنة فى الرواية والقصة والشعر والكتابة المسرحية وأهمها مسابقة نجيب محفوظ فى الإبداع الروائى، وجائزة القاهرة فى الإبداع الروائى العربى، وجائزة القاهرة فى الشعر العربى، يضاف إلى ذلك منح التفرغ سنويا وأغلبها موجهلتمكين الفنانين والأدباء من التفرغ نظير ا إبنتاج أعمال إبداعية.
جدير بالذكر أنه فى ظل غيبة دور المجلس بشأن تطوير ومتابعة السياسات الثقافية على مدى عقود مضت بقيت الجوائز تمثل الوظيفة الجوهرية للمجلس. ويرجع ذلك إلى وجود قانون منظم للجوائز ينص على أن المجلس الأعلى للثقافة هو من يتولى منح تلك الجوائز. أى أن قانون الجوائز هو الذى أبقى على وجود المجلس ولولاه لألغى دور المجلس فى ظل وجود وزارة للثقافة تتولى نفس المهام المنوطة بالمجلس.
ولقد ساهمت الجوائز فى تفعيل قدرة المجلس على رعاية المبدعين واجتذابهم وخلق مجتمع كبير من المثقفين يلتفون حول المجلس وتحقيق ريادة ثقافية حقيقية فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، حيث تعمل الجوائز التى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة على اجتذاب أكبر عدد من المثقفين والباحثين الراغبين للمشاركة فى كل آليات عمل المجلس وفعالياته الثقافية، وقد ساهم ذلك فى تفعيل قدرة المجلس الأعلى للثقافة على التواصل مع قطاع عريض من المثقفين المصريين وخلق حالة من الحراك الثقافى معهم وبهم.
ومع ذلك ساهم التركيز الأساسى على منح الجوائز ومنح التفرغ فى تكوين جماعات ضغط شديدة من المثقفين فى التكالب الشديد على عضوية لجان المجلس، وقد أدى ذلك إلى ممارسة أقصى درجات الضغوط على آليات الترشيح والتحكيم للفوز بالجوائز من جانب جماعات مصالح فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية. وتستخدم الصحافة والحملات الصحفية الإيجابية أو السلبية كأداة للضغط على المجلس الأعلى للثقافة لتحقيق مصالح متعددة للفوز بالجوائز والمسابقات ومنح التفرغ فى دوائر محددة من المترشحين. وعلى ضوء ذلك تعرض المجلس الأعلى للثقافة إلى أعنف موجات من الضغوط الشديدة من جانب جماعات المثقفين خلال العقود الثلاثة الماضية بما أدى إلى مرونة معايير الترشيح والتحكيم، ومن ثم حصول بعض الأشخاص على جوائز دون جدارة مقابل استبعاد آخرين أكثر أهلية وجدارة، وقد تسبب ذلك فى تراجع الصورة الذهنية الإيجابية التى كان المجلس يحظى بها من قبل. وأصبحت فترة الترشح والتحكيم وإعلان الجوائز كل عام مناسبة لشن أعنف الحملات الصحفية على المجلس للنيل من مصداقيته.
هذا يعنى أنه على الرغم من أهمية الجوائز فى الإبقاء على وجود المجلس الأعلى للثقافة والحفاظ على استقلاليته وممارسة دوره عبر عقود، إلا أن الجوائز ساهمت أيضا فى النيل من الصورة الذهنية الإيجابية للمجلس خاصة فى العقود الثلاثة الماضية .
وعلى ضوء ذلك تسعى خطة المجلس الراهنة إلى تطوير منظومة العمل فى مجال رعاية المبدعين من خلال التدابير والإجراءات التالية:
- تطوير اللائحة التنفيذية لتنظيم عمل الجوائز والمسابقات بالمجلس بحيث تتوافق مع المعايير الدولية فى تنظيم الجوائز خاصة فيما يتعلق بآليات الترشح والتحكيم، بما يحقق مزيدا من المصداقية والنزاهة والشفافية فى منح الجوائز والمسابقات.
- العمل على رفع القيمة المالية للجوائز والمسابقات من خلال التشاور مع وزارة المالية ومجلس النواب عند إقرار الموازنة، وفى هذا الصدد يسعى المجلس إلى تعديل قانون الجوائز لزيادة المخصصات المالية للجوائز لكى تتواكب مع مستوى التضخم وتتوازن مع القيم المالية للجوائز العربية الأخرى .
- تطوير العمل بجائزة نجيب محفوظ بموجب تحويلها من مسابقة إلى جائزة تحت مسمى: جائزة نجيب محفوظ فى الإبداع الروائى العربى، وهذا يعنى تحويلها إلى جائزة ذات طابع دولى/عربى بمحكمين دوليين، ورفع قيمتها المالية من 50 ألف جنيه إلى 350 ألف جنيه مصرى (بواقع 20 ألف دولار) وإنشاء أمانة فنية خاصة بها لإدارتها.
كما يسعى المجلس إلى العمل الدءوب بالتنسيق مع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب لإصدار قانون منظم لجائزة نجيب محفوظ، بحيث يتيح ذلك الفرصة لاستدامة الجائزة ومنحها مزيداً من القواعد الضامنة لنزاهتها وشفافيتها، وكل ذلك يساهم فى تعزيز ريادة مصر الثقافية فى محيطها العربى والدولى.
- زيادة عدد جوائز النيل للمبدعين العرب بحيث تشمل فروع الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بدلا من الاكتفاء بجائزة واحدة للمبدعين العرب، ومن شأن ذلك أن يساهم فى تعزيز الدور المصرى فى رعاية الإبداع العربى وتعزيز الريادة الثقافية لمصر فى محيطها العربى بعد سنوات طوال من الانكفاء على الذات فى جوائز محلية تمنح فقط للمصريين فى ظل وجود جوائز عربية أخرى عابرة للقطرية، تتوسع فى منح جوائز للمبدعين العرب.
ويتطلب ذلك من المجلس العمل على تعديل قانون الجوائز بالتنسيق مع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب.
- استحداث جائزة جديدة للنيل للمبدعين الأفارقة فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، يأتى ذلك فى إطار تعزيز الدور الثقافى لمصر على الصعيد الأفريقى، ويتطلب ذلك تعديلا فى قانون الجوائز بالتنسيق مع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب.
- استحداث مسابقة جديدة مخصصة لإبداعات الشباب الأفارقة تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه مصرى، تعلن فى مايو ويتم تحكيمها وإعلان الفائزين فيها فى أكتوبر من كل عام، وسوف يتم إطلاق هذه المسابقة هذا العام فى مايو 2019 ويعلن عن الفائزين على هامش ملتقى الثقافات الأفريقية فى نوفمبر 2019.
- تحويل سلسلة الكتاب الأول إلى جائزة سنوية يعلن عنها للباحثين والمبدعين الشبان الذين لم يتسنى لهم تأليف كتب فى حياتهم ولديهم إنجاز يستحق النشر فى كتاب أول، يعلن عن الجائزة فى مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية كل عام بواقع خمسة عشرة كتاب سنويا، ويتم فحص الأعمال المقدمة وتحكيمها من خلال لجان متخصصة ويعلن عن الفائزين فى احتفال سنوى، ويحصل الفائز على فرصة نشر الكتاب إلى جانب مبلغ مالى قدره 15 ألف جنيه وميدالية فضية وشهادة تقدير موقعة من وزير الثقافة.
- زيادة حجم المخصصات المالية للمسابقات وزيادة عدد المسابقات لتصبح ثلاثة عشرة مسابقة تغطى كافة صور الإبداعات فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية: القصة، والشعر بأنواعه المختلفة (الفصحى والعامية)، والرواية، والنصوص المسرحية، والرسوم المتحركة للأطفال، وثقافة الطفل، إلى جانب النقد الأدبى والنقد الفنى، واللغة العربية، والتنمية المستدامة، والتراث الثقافى، والتذوق الفنى، وريادة الأعمال، والمواطنة.
- تطوير منظومة العمل القائمة الآن بمنح التفرغ لكى تستهدف تنمية الإبداع وليس رعاية المبدعين اجتماعيا وإنسانيا، وأن تستهدف المنح الشباب وفقا لضوابط وقواعد جادة وصارمة، ويضم المشروع الجديد منحا متنوعة ولمدد متغيرة لدعم الإبداعات الشابة الجادة ورفع قيمة المخصصات المالية للمنح. وتراعى المنح تعزيز الإبداعات فى مجالات نوعية تعكس أولويات وزارة الثقافة فى رعاية المبدعين، ويتم الاعتماد على لجان تحكيم فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، مع وجود آليات للمتابعة والتقييم الدقيق للمردود الإبداعى للمنح.
- إنشاء صندوق للرعاية الاجتماعية والإنسانية للمبدعين الذين يعانون من ظروف اجتماعية واقتصادية وصحية حرجة بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى ووزارة الصحة، ومن الممكن تمويل موارد هذا الصندوق من الهبات والتبرعات التى يقدمها رجال الأعمال والبنوك والقطاع الخاص، وكذلك موارد يتم تحصيلها من رسوم تقديم بعض الخدمات الثقافية على مستوى الوزارة ككل بالتنسيق مع الهيئات والقطاعات الثقافية بالوزارة.
- تطوير لائحة الجوائز والمسابقات بصورة موحدة لضمان أقصى درجات الدقة والجدية والنزاهة والشفافية فى عمليات الترشيح والتحكيم،وتطوير نظم إدارة تحكيم الجوائز والمسابقات لكى تتسق مع المعايير الدولية فى تنظيم الجوائز.
- ميكنة الجوائز والمسابقات فى قواعد بيانات دقيقة وشاملة، وميكنة منظومة إيداع شهادات المصنفات وفقا لقانون حماية الملكية الفكرية.
- تحديد اختصاص النشر بالمجلس من منطلق الأسس الجديدة للنشر فى الوزارة وذلك بتحديد اختصاص المجلس بنشر المؤتمرات التى يعقدها ونشر الكتاب الأول وبعض أعمال منح التفرغ المتميزة والتقارير الصادرة عن لجان المجلس.
وعلى ضوء ذلك سوف تتم تسوية مديونيات المطابع وإعادة العمل بسلسلة الكتاب الأول وتطويرها لتصبح أقرب إلى جائزة يعلن عنها سنويا مع إعادة تشكيل لجنة الكتاب الأول وتطوير لائحتها.
كما يبدأ المجلس بموجب هذه السياسة الجديدة فى طبع أعمال المؤتمرات السابقة.
وفى المرحلة الانتقالية يسعى المجلس إلى طبع بعض الأعمال المتميزة التى سبق التعاقد عليها.