"إن الحروب والأحداث المؤسفة فى العالم العربى والإسلامى هى من صنع أناس ضلوا الطريق، وظنوا أنهم يتبعون طريقاً صحيحاً، لكنه طريق ملىء بالحقد والكراهية والعيش فى الذل والمهانة، لا يحبون أن يعيش الناس فى حرية وحب وسلام، هؤلاء كانوا صغاراً لكنهم لم يتعلموا العلم الصحيح.. تعلموا أن يكرهوا لا أن يحبوا، تعلموا أن يفشلوا فى مدرسة الإنسانية لا أن ينجحوا فيشعروا بآلام الغير".
بهذه الكلمات افتتحت قرينة حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمى، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، مساء أمس (الاثنين) فى الجامعة القاسمية، فعاليات ملتقى الشارقة للأطفال العرب، فى دورته الثانية عشرة، الذى تنظمه مراكز الأطفال بالشارقة فى مقر الجامعة القاسمية، تحت شعار "اسمعونا.. نحن المستقبل"، وتتواصل فعالياته حتى مساء الثالث من أبريل المقبل.
وقالت الشيخة جواهر القاسمى، فى بيان صحفى: "أرحب بكم فى الشارقة، صديقة الطفل الذى نعمل على تقديم كل ما يؤهله لدوره المستقبلى، لأننا نؤمن أن لا مستقبل من دون رجالٍ ونساء نعدهم منذ صغرهم للقيام بمسؤولياتهم ومهامهم وفق أعلى مستوى من الأداء والتميز عندما يحين وقتهم، عندما يصبحوا قادة مؤثرين فى مجتمعهم، وأنا أرى فيكم مشهداً يعكس حلمنا العربى القديم الذى يتجدد كلما واجهتنا تحديات، وأعنى به حلم الوحدة العربية التى ستظل تراوحنا إلى أن تتحقق إن شاء الله، غير ملتفتين إلى من يئسوا من تحقيق هذا الحلم، وقللوا من شأنه، فها أنتم اليوم مجتمعون عندنا لأنكم تحملون مقومات واحدة تربطكم وتجعلكم اخوة تلتقون على أرض واحدة، أرض دولة الإمارات العربية المتحدة".
وتابعت جواهر القاسمى: "أنتم يا صغارى، أرى فى وجوهكم نور البراءة، وحب المعرفة والموهبة، ومستقبلاً زاهياً بكم، بشخصياتكم القوية، وقلوبكم الرحيمة، ونفوسكم التى تتفاعل مع قضايا الإنسان وعقولكم الكبيرة التى تفرّق بين خير فيه الإيمان الحقيقى بالله، والعلم، والثقافة، والسلوك الحسن، والرقى، والاحترام، وبين شر يجعل العقول متحجرة سوداء، لا تفكر إلا فى إيذاء الناس، ولا تتعلم، وتأخذ الشهادات العليا من أجل تدمير البشر أينما كانوا".
وأكدت الشيخة جواهر القاسمى، أن الطفل اليوم يستحق أن تصاغ له مبادرات تمكنه من إظهار مواهبه وإبداعاته وابتكاراته، خاصة وأنه طفل متقدم عن الأجيال التى سبقته بسبب ما توافرت لديه من أساليب تقنية أسهمت فى إطلاعه الواسع على مستجدات العالم، وصار ماهراً فى اقتحام هذا البحر التقنى، سابحاً فيه بحثاً عن المعرفة والعلوم المختلفة التى تنمى قدراته الفكرية وإطلاعاته العلمية والمعرفية، ولهذا فإن الشارقة لا تزال تمد جسور التعاون والشراكات مع الجهات المختصة فى الدول العربية لتبادل الخبرات بشأن تنشئة الطفل على أسس سليمة لا تخلو من قيم نبيلة وفضائل سامية.
وخاطبت قرينة حاكم الشارقة الأطفال قائلة: "ماذا ستقولون لنا كى نسمعكم؟.. نحن كلنا آذان صاغية لكم أطفالى الأعزاء، وعليكم أن تكونوا مبادرين فى اكتساب المعرفة والعلم والثقافة، واللغة التى ستعبّرون بها عن ذلك كله، ولا تنسوا وأنتم فى طريقكم إلى هذا الكسب المهم لحياتكم أن تتسلّحوا بالخلق والسلوك الطيب الذى تحترمون به أمهاتكم وآبائكم ومعلميكم، وكل كبير له فضل عليكم، وأن تتعاملوا مع الناس بإتباع آداب الحوار والاستماع".
وطالبت الأطفال بالتعبير عن آرائهم، وتقديم مقترحاتهم فى مشروعات التنمية، خاصة تلك التى تعنيهم، وأن يمتلكوا وسائل الإقناع، التى هى فى حاجة إلى تفكير، ونصحتهم بالتدريب، وبالاستفادة من تجربة إمارة الشارقة فى تقديم برامج تدريبية عملية للطفل كى يكون إنساناً قوياً ومتحدثاً ومؤثراً فى مجتمعه، كما يفعل فى "مجلس شورى الأطفال"، حيث يقف الطفل، ويقول رأيه، ويعبر عن أفكاره أمام شخصيات ذات قرار فى المجتمع، فهكذا يتم تحفيزه على اكتساب مهارة الكلام والتعبير عن الرأى، والصدق والأمانة فيه، وحين يصغى له المسؤول يعرف أن هذا الطفل إنسان جاد ومؤمن بما يقوله.
وقالت الشيخة جواهر القاسمى: "أنتم مستقبل هذه الأمة الذى ننتظره كى نسلّمه راية رحلة النمو والنهضة والتطور لتكملوا طريق آبائكم الذين تحملوا كثيراً من المسؤوليات الصعبة فى أزمنة صعبة، ونسأل الله سبحانه أن يحميكم وييسر لكم طريقكم ويقدركم على مواجهة التحديات، فتكونوا أقوياء فى مواجهتها، شجعاناً فى اتخاذ القرارات بشأنها، مؤثرين فى مواقعكم القيادية إن شاء الله، فى مجتمعاتكم وأوطانكم".
ووجهت الشيخة جواهر القاسمى فى ختام كلمتها التحية للأطفال اللاجئين والمهجرين والذين يعانون من ويلات الحروب والاضطرابات فى سوريا، واليمن، وليبيا، والعراق، وفلسطين، إلى جانب أولئك الصغار الذين اضطروا مع والديهم وأسرهم إلى المخاطرة بحياتهم وعبور البحار للوصول إلى سواحل القارة الأوروبية.
وألقت ريم بن كرم، كلمة أشادت فيها بدعم الشيخة جواهر بنت محمد القاسمى، لمراكز الأطفال بالشارقة منذ تأسيسها قبل أكثر من 30 عاماً، وما لعبه هذا الدعم من دور مهم فى ترجمة رؤية إمارة الشارقة الرامية إلى تنمية مواهب الأطفال وقدراتهم، وتحقيق حلم تبلور على أرض الواقع بظهور ملتقى الشارقة للأطفال العرب، الذى بات حدثاً يستشرف مستقبل الأطفال، لإعدادهم إعداداً سليماً، وليصبحوا فاعلين فى حياتهم المستقبلية، قادرين على الابتكار والإبداع من خلال تحفيزهم وزرع روح التحدى والمثابرة فى نفوسهم.
وأكدت ريم بن كرم أن ملتقى الشارقة للأطفال العرب يعد دليلاً على الرؤية الناجحة لإمارة الشارقة فى تطوير الأطفال وتأهيلهم، وتنمية ثقافتهم للوصول إلى أعلى مستويات الازدهار والتطور وضمان مستقبل أفضل لهم فى مختلف الدول العربية، مثمنة دعم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للأطفال فى دولة الإمارات وإمارة الشارقة، والذى أدى إلى تطور الملتقى، ومشاركة الأعداد الكبيرة من الأطفال المواطنين فيه، حيث يشارك لأول مرة فى تاريخ الملتقى 81 طفلاً إماراتياً، وهى المشاركة الأكبر منذ انطلاقته.
وقالت بن كرم: "نهدف من وراء هذا الملتقى إلى تعزيز المهارات القيادية لدى الأطفال، وترسيخ الإبداع منهجاً حياتياً لهم فى شتى المجالات، وتكريس مفهومى الوحدة والعمل الجماعى، بهدف تعزيز التواصل بينهم وتبادل الخبرات، بما يجعلهم مؤهلين لنقل القيم المثلى والمهارات الإبداعية التى اكتسبوها فى الملتقى إلى أوطانهم، من خلال تسليط الأضواء على طبيعة الظروف التى يعيشها الطفل العربى، وما يواجهه عالمه المحيط من تحديات، ليطرح مناقشات مختلفة المحاور عبر وسائل عصرية ومبتكرة تسّهل وصول المعلومات إليهم، وتبرز دور الدول الرائدة فى المجالات الإنسانية والاجتماعية".
وأعربت ريم بن كرم عن ثقتها بأن مشاركة هذا العدد الكبير من الأطفال الإماراتيين بالملتقى لها دور كبير فى الخروج بأفكار نيّرة ومبتكرة يستفيدون منها، كما يستفيد منها نظرائهم من الدول العربية، عن طريق تبادل التجارب والخبرات الخاصة بهم، للوصول إلى نتائج إيجابية تسهم فى عملية التنمية الشاملة لجميع البلدان العربية، بالإضافة إلى المساهمة فى إخراج أجيال مبدعة تثبت ذاتها فى مجالاتها. وتمنت للملتقى ولجميع الأطفال المشاركين النجاح والتفوق فى تحقيق أهدافه وجذب انتباه صانعى القرار، ودعم الاستراتيجية الوطنية للإمارات والدول العربية التى تُعنى بالابتكار والموهبة والإبداع.
وقدم الفنان الإماراتى حسين الجسمى سفير النوايا الحسنة، ومجموعة من الأطفال نشيد الملتقى "وطن فى القلب"، الذى تغنى من خلاله المشاركون بالوحدة والتكاتف بين الاخوة والأشقاء من أجل مستقبل مشرق تنعم فيه الأمة العربية وأبناؤها بالأمان والاستقرار والسلام.
ورحب الفنان حسين الجسمى بالأطفال المشاركين، قائلاً: "أهلا وسهلا بأطفال العرب فى شارقتى إمارة الشارقة ملتقى الأحبه فى دولتى الإمارات، تشرفت بحضور حفل الإفتتاح والغناء أمام الأطفال من جميع أنحاء الوطن العربى فى هذا الملتقى الهادف الذى ينظر للمستقبل من جميع جوانبه وأهدافه، وأفرحنى ما رأيته فى أعين الأطفال البريئة الجالسة أمامى الناظرة للمستقبل، أثناء غناء أغنية وطن فى القلب من كلمات صالحة غابش والحان ليلى أبوذكرى وتوزيع عمرو أبوذكرى."
كما استمتع الحضور بأوبريت "ها قد جئنا.. نحن المستقبل" الذى كتب كلماته عبدالله الشحى ومحمود أبو العباس، ولحنته دينا سعد، وقدمه مجموعة من الصغار المنتسبين إلى مراكز الأطفال التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة. وأضفت هذه الأناشيد أجواء حماسية على الحفل، وأكدت على الدور الذى يتطلع الأطفال إلى ممارسته فى بناء وتطور مستقبل أوطانهم وأمتهم.
بعد ذلك، تابع الحضور كلمة الإماراتية جميلة الزعابى، رئيس مجلس شورى أطفال الشارقة فى دورته الرابعة عشر، التى أشادت فيها بتوجيهات القيادة الرشيدة فى إمارة الشارقة ودولة الإمارات، بالاهتمام بالأطفال، وتأسيس المراكز والمؤسسات التى تُعنى بهم، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، ومن أبرزها مجلس شورى أطفال الشارقة، الأول من نوعه فى الوطن العربى، الذى يتعلّم من خلاله الأطفال كيفية المشاركة فى الحياة العامة، لتأكيد دورهم الفاعل فى المجتمع، وترسيخ انتمائهم إلى وطنهم وأمتهم، وتنمية ثقافة الحوار والتشاور بينهم، وبناء الوعى بقضايا الوطن، وتحقيق رؤية القيادة فى صنع قادة المستقبل.
وقالت الزعابى: "نحن هنا فى ملتقى الشارقة للأطفال العرب، الذى تبنى مواهبنا، سنلتقى بكم ونعمل معكم عن قرب، كى نستثمر مواهبنا وكفاءاتنا، ونخطو معاً خطوات ثابتة نكتسب فيها حكمة مفيدة وخبرة جديدة تضيف إلى مخزوننا الإبداعى والفكرى، الذى يسعى الملتقى إلى ترسيخه فى قلوبنا وأذهاننا، ونبث فيه ما يشغل بالنا من اهتمامات، نسعى إلى إيصالها للمسؤولين وصُناع القرار".
ودعت رئيس مجلس شورى أطفال الشارقة أطفال الوطن العربى المشاركين فى الملتقى إلى أن يتكاتفوا سوياً، للخروج بنتائج تعود عليهم وعلى مجتمعاتهم وأوطانهم بالخير، وليصبحوا قدوة لمن هم فى أعمارهم من باقى أشقائهم الأطفال العرب.