الشرارة الأولى لثورة 1919، خرجت فى التاسع من شهر مارس، من مدرسة الحقوق بالجيزة، لتنتشر خلال ساعات فى ميادين القاهرة، ليخرج الشعب المصرى ثائرًا على الاحتلال الإنجليزى، شهيدا دفاعًا عن حريته وكرامته ولاستقلال الوطن.
ثورة 1919، أحد أهم الثورات العربية فى القرن العشرين، التى تجسدت فيها كل معانى الوطنية، والتعايش الاجتماعى بين جميع أفراد الشعب، كتب فيها المصريين بأيديهم تاريخ مجيد، من أجل مستقبل ناصع عريق، وكتبت خلالها قوات الاحتلال البريطانى صفحة صفحات الخسة، بعدما قامو بسفك دماء المصريين، والقيام بمذابح ضدهم.
فى القاهرة وكل المحافظات المصرية، كانت هناك العديد من الجرائم التى قام بها الإنجليز، من بينها مذبحتى ميت القرشى وأسيوط، والذى وقعوا فى مثل هذا اليوم فى 23 مارس 1919م.
وبحسب كتاب "ثورة 1919" للمؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى، أصيبت بلدة ميت القرشى بمركز ميت غمر محافظة الدقهلية، بكارثة أودت بحياة مائة من أهلها، وذلك فى يوم 23 مارس، بينما كان الأهالى يقومون بمظاهرة سلمية حول البلد، جاء قطار مسلح يفل أكثر من 100 جندى بريطانى، فوقف ونزل الجند على مقربة من البلدة، وأرادوا الانتقام من أهل المدينة بدعوى أنه حصل قطع فى السكة الحديد على مقربة منها، فالتقوا أول ما التقوا بشاب فى طليعة المظاهرة، وهو الراحل محمد مأمون عبد المعطى نجل عمدة البلد، فسألوه عن تلك الجموع، فأخبرهم إنها مظاهرة سلمية، ولمد يكد يبتعد عنهم حتى عاجلوه برصاص بنادقهم، فسقط قتيلا.
فلما سمع الناس دوى الرصاص تفرق جمعهم، فأعمل فيهم الجند المدافع الرشاشة، فحصدتهم حصدا، وتعقبوهم حتى الحقول، وكلما صادفوا أحدا أردوه قتيلا، وبلغ عدد شهدا هذه المذبحة 100 قتيل.
فى أسيوط لما يكن الأمر يختلف كثيرا عن باقى المدن المصرية المشتعلة بثورة المصريين، بينما الجنود الإنجليز، اتخذوا مكانا دفاعيا فى مدينة أسيوط، لمواجهة غضب الأهالى بعض محاكمة المئات منهم، هوجم المكان فى صباح يوم 23 مارس، وقبل أن تصل الإمدادات إلى المركز الذى يحرس الطريق بين قرية الوليدية إلى المدرسة، تمكن المهاجمون من اختراق النطاق وأخذوا يطلقون النار على الجنود البريطانيين، وقد صد هذا الهجوم بعد أن تكبد الثائرون خسارة جسيمة من القتلى بلغوا المئات.
وفى خلال يومى 23 و24 مارس، عمل الجنود البريطانيون على تفريق جماعات الثوار ومكافحة الرماة، وفى هذه الأثناء وصلت طائرتين حربيتين اشتركتا فى أعمال الدفاع وألتقتا بعض القنابل فأصابت بعض الأهالى وقتلت بعضهم.