أشد حوادث العنف فى الوجه القبلى، بل فى ثورة 1919 كلها، كانت فى مدينة أسيوط، فحدثت ضجة كبرى لم يسبق لها مثيل من جانب الإنجليز، هكذا كان الوضع فى مدن وقرى أسيوط أثناء ثورة 1919، من واقع ما ذكره المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى، فى كتابه "ثورة 1919".
فى مثل هذا اليوم، فى 24 مارس 1919 م، وصلت طائرتان حربيتان إلى أسيوط، فاشتركتا فى أعمال الدفاع، وألقتا بعض القنابل فأصابت بعض الأهالى وقتلت بعضهم، وذلك ردا على الأزمة التى شهدتها مدن المحافظة بعدما هاجم الثوار فى دير مواس القطار القادم من الأقصر إلى القاهرة، يوم 18 مارس، وقتل فيه حوالى 8 جنود بريطانيين، وتفاقمت الأزمة بعد هجوم الأهالى على مقر للإنجليز بأسيوط.
ويوضح "الرافعى" فى كتابه، أنه بعض هجوم الطائرات الحربية، وصلت النجدات الحربية إلى أسيوط مسرعة عن طريق البواخر النيلية، ولاقت مقاومة عنيفة فى ديروط وأسيوط، من جماعات الثوار على ضفتى النيل، فقد هوجمت ثلاث مرات، الأولى تجاه بلد "شلش" بمركز ديروط، إذ كان المهاجمون مسلحين بالبنادق الضعيفة والعصى، وحاولوا الاستيلاء على الباخرة بحرا، ولكن المدافع الرشاشة حصدت منهم المئات، ولم ينل الثائرون من الباخرة منالا، ووقع الهجوم الثانى قبل المكان الذى كان فيه الهجوم الأول، ولم يفز الثوار فيه بطائل، ووقع الثالث قبل محطة "نزالى جنوب" وكان موقع الثوار صالحا للهجوم، ولكن المدافع الرشاشة التى صوبت إليهم من الباخرة أحبطت هجومهم وردتهم على أعقابهم.
وأكد الكتاب، على وصول النجدات أسيوط فى يوم 25 مارس، فعادت الحالة إلى ما كانت عليه، وبلغ عدد فصائل الجنود التى أرسلت إلى الوجه القبلى ست عشر فصيلة.