فى كتابها "دستويفسكى وكانط.. حوارات فى الأخلاق" استخدمت افجينيا تشيركاسوفا بشكل مميز كامل وذكى كل تلك المصادر التى لا تقدر بثمن، فقد تعاملت مع كانط ودوستويفسكى باحترام كبير، وتعاطف عميق وإن كان غير نقدى.
كانت كتابات افجينيا تشيركاسوفا واضحة وقوية بشكل مثير للإعجاب وتظهر إحساسا قويا بالتطور الدراماتيكى خصوصا فى الفصل الأخير، حيث إنها تظهر وبشكل مقنع، كانط فى الجدل الفلسفى ودوستويفسكى فى السرد المتخيل وكلاهما يركزان باهتمام على الأسئلة المركزية لحرية الإنسان والخيار الأخلاقى، والمسئولية الفردية، والطابع المطلق غير القابل للاختزل للالتزام الأخلاقى وإمكانيات "الشر المتطرف" فى الطبيعة البشرية والسلوك.
وفى كتاب "دستويفسكى وكانط.. حوارات فى الأخلاق"، الصادر عن دار سطور للنشر، ونقله إلى اللغة العربية، المترجم عمار كاظم محمد، يجد القارئ كيف أن كانط ودوستويفسكى يرفضان بشكل حاسم، ليس فقط التأكيد النفعى على العواقب المستقبلية كتحديد للميزة الأخلاقية فى التصرفات الحالية، بل يرفضان أيضا وبنفس الحسم ما دعاه دوستويفسكى بـ"عيقدة المحيط"، والادعاء بأن العوامل النفسية والاجتماعية يمكن التذرع بها بشكل شرعى لتفسير وتبرير الأعمال الإجرامية.
وتبرز الكاتبة فى كتاب "دستويفسكى وكانط.. حوارات فى الأخلاق" نواح معينة تبرز كيف أن مهنج كانط ودوستويفسكى متباين، حيث يشدد كان على الاستقلالية العقلية للإرادة الفردية فى تناقش حاد مع تشديد دوستويفسكى على "الحياة المعاشة" مجتمع القلوب المحبة، والمصالحة، أو كما تسميها تشير كاسوفا المشاركة الصوفية للمؤمنين.
مع ذلك وعبر دراسة أعمال كانط بشكل دقيق لاحقا، فإن تشير كاسوفا كانت قادرة على أن تظهر بأن كانط فى تلك الأعمال قد اقترب من "أخلاق القلب" الدستوفسكية وطور شعورا حقيقيا للمجتمع الإنسانى، كان يميل، مع ذلك، إلى صياغتها بمصطلحات عقلانية فى "مملكة الغايات".