"والله لو حلف العشاق أنهمُ/ موتى من الحب أو قتلى لما حنثوا/ ترى المحبين صرعى في ديارهمُ/ كفتية الكهف، لا يدرون كم لبثوا/ قومٌ إذا هجروا من بعدِ ما وصلوا، ماتوا، وإن عاد وصل بعده بعثوا" هكذا قال الحسين بن منصور "الحلاج"، عن الحب الإلهى وحل العشاق والمبتهلين إلى الله، لعله عندما كتب الكلمات السابقة كان يحاكى الكلمة الشهيرة "ومن الحب ما قتل".
الحسين بن منصور بن محمى الملقب بالحلاج، والذى تمر اليوم ذكرى رحيله الـ 1027، إذ توفى فى 26 مارس عام 922 م، بعد الحكم عليه بقتله وإحراقه بالنار، بسبب كلامه فى الحب الإلهى، ما اعتبر تطاول على الله.
ويبدو أن الحلاج عاش مطاردا منذ بدايته، فبحسب كتاب "ظهر الإسلام" للكاتب أحمد أمين، فأن الحلاج فر من مكة، بعدما اتهمه عمرو المكى بأنه يعارض القرآن، فلعنه، وود قتله، فما كان من الحلاج إلا الهروب والتجرد من لباس الصوفية، ولبس المرقعة والقباء، ورحل إلى خراسان وبلاد ما وراء النهر، وظل فى رحلته خمس سنوات، قبل أن يعود إلى العراق ويقضى بها عامين.
فى سنة 297 هـ، أفتى ابن أبى داود الظاهرى، بكفره لكلامه فى الحب، ففر مرة أخرى إلى الأهواز، واختفى بها، واتهم فيها بدعوى الألوهية، ثم تنقل بين السجون المختلفة سبع سنوات، ومع ذلك استمر فى الدعوة حتى آمن به بعض شخصيات البلاد، فتم استجوابه، وحكم عليه بالإعدام والتمثيل به، وإحراقه، وإلقاء ما بقى من جسده فى نهر الفرات.
وبحسب كتاب " الإسماعيليون: تاريخهم وعقائدهم" فأن الحلاج، كان له تأثيرا عظميا فى العديد من الناس، من بينهم بعض أفراد البيت العباسى، فأثار غيرة مسئولين فى الدولة حينها، فاتهموه بكونه عميلا وقرمطيا، وأورد أعداؤه بقيادة ابن الفرات أدلة عدوها كافية لإدانته، ومنها إساة التفسير المتعمد لبعض التأويلات الرمزية عند الحلاج، ومزاعمه بالاتحاد الروحى مع الله، فتم سجنه عدة سنوات، ومحكامته عام 921، وحكم عليه بالموت وسط جو مشبع بالدسائس والمكائد، وجرى تعذيبه وصلبه، ثم قطت أعضاؤه بوحشية أمام جمهور كبير فى بغداد سنة 922 م.