يبدو أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لم يكتف بطمس هوية بعض الآثار والأماكن الحضارية السورية والعراقية، بمساعدته لقوات تنظيم داعش الإرهابى، وها هو يعمل بكل قوة على طمس الهوية التركية العلمانية.
وخلال الساعات الماضية صرح أردوغان أنه ينبغى إعادة تسمية آيا صوفيا فى إسطنبول إلى مسجد بدلا من متحف بعد انتخابات اليوم الأحد، لكنه لم يذكر ما إذا كان سيتم تغيير وضع المعلم التاريخى، وهو ما اعتبرته بعض المواقع التركية طمسا لهوية متحف وكاتدرائية آيا صوفيا فى إسطنبول، وقربانا لانتخابات البلدية المزمعة اليوم الأحد، مستغلا مجزرة المسجدين فى نيوزيلندا، وحالة التعاطف مع المسلمين، فى محاولة جديدة لكسب أصوات الناخبين.
ويأتى ذلك القرار المزمع اتخاذه قريبا انتهاكا لقرار المحكمة الدستورية التركية، والتى رفضت بدروها طلبا فى سبتمبر الماضى، يسمح للمسلمين الأتراك بأداء الصلاة فى متحف آيا صوفيا فى إسطنبول الذى كان كنيسة قبل أن يتحول إلى مسجد، وبعد ذلك إلى متحف مع تأسيس الدولة العلمانية التركية، وذلك بناء على طلب تقدمت به مؤسسة التراث التركى، قالت فيه إن منع المصلين من أداء الصلاة فى آيا صوفيا هو انتهاك لحرية التعبير والرأى.
وازداد النشاط الإسلامى داخل المتحف فى السنوات الأخيرة فى عهد أردوغان، حيث تمت داخله تلاوة القرآن فى بعض المناسبات.
وبحسب كتاب "الدليل السياحى لمدينة إسطنبول" للكاتب خليل ارسين اوجى، فيعد آيا صوفيا معلما نادرا وفريدا وأحد رموز مدينة إسطنبول بناه قسطنطينيوس ابن مؤسس المدينة الإمبرطور قسطنطين، فى النصف الثانى من القرن الرابع، وقد اندلعت النيران فى أول كنيسة بنيت فى الموقع أثناء إحدى الثورات عام 404م، فتم تنفيذ عملية البناء الثانية على نطاق أكبر وافتتحت فى حفل كبير عام 415 م، ولكن فى عام 532 أدت ثورة "نيكا" الدموية إلى مقتل كثيرين وهدم عدد من المبانى، وتعرضت كنيسة آيا صوفيا خلال هذا الوقت إلى الاحتراق بالكامل، فقام الإمبرطور جستينيان، الذى أخمد الثورة، ببناء مكان للعبادة، لم ير مثيلا له منذ عهد آدم ولن يكون له مثيل، كما قيل حينها، ففى عام 532 بدأت عملية بناء أكبر كنيسة فى العالم المسيحى، واكتمل البناء بعد 5 سنوات وأقيم حفل افتتاحها عام 537م.