يتناول كتاب "المنظور التأويلى فى أعمال محمد أركون"، الصادر عن دار الآن ناشرون وموزعون، المنظور التأويلى للنص القرآنى، والنصوص الإسلامية المنتجة منه، لكن أركون لم يطرح نظرية تأويلية كاملة بل طرح أسساً، ومبادئا حاول تطبيقها على بعض نصوص القرآن، وعلى بعض نصوص التفسـير التقليدية، وبعض النصوص الفقهية، والتاريخية، بالإضافة إلى استخدام المنهجيات العلمية الحديثة المختلفة، فقد أدخل أركون عدداً كبيراً من المفاهيم، بهدف استخدامها فى تحقيق مشـروعه، لكن هذه المفاهيم كانت بجملتها مستعارة من علوم، ومناهج غربية، ولم يعمل أركون على طرح تحديد لها، وتبرير استخدامها فى المشـروع، عدًا عن أنه كثيراً ما يستخدم هذه المفاهيم لغير ما وضعت له، أو ما تعنيه فى الأصل المأخوذة منه على الرغم من أن مشـروعية استعارة هذه المفاهيم تكمن فى بيان ضـرورتها للبحث، وتحديد المعنى المراد استخدامها فيه.
ويتناول الكتاب فى فصله الأول، أهم عناصـر المشـروع الأركونى الفكرية، والمنهجية المتمثلة بالحداثة، والعلمانية، والتاريخية، والتأويل، والمنهجية النقدية، والمناهج الأوروبية الحديثة. وحاول الكاتب أن يبيّن فيه فهم أركون لكل عنصـر من هذه العناصـر، ونقده لها.
أما الفصل الثانى فكان بعنوان: "المنهجية النقدية" والذى تناول مفهوم العقل عند أركون، ونقده للعقل الإسلامى الذى تركز حول آليات عمل هذا العقل بمختلف تجلياته، ونقده لمنهج الاستشـراق فى مجال الدراسات الإسلامية، ومدى قصوره. كما بين بعض الملاحظات النقدية لمفهوم العقل عند أركون، ونقده للعقل الإسلامى.
أما الفصل الثالث فقد جاء تحت عنوان "التأصيل لنزعة التأويل فى الفكر العربى الإسلامى"، وقد أبان هذا الفصل بحث أركون فى الأفكار المغيبة واللامفكر فيها والمسكوت عنها فى العقل الإسلامى، وأسباب ذلك من الناحية التاريخية.
أما الفصل الرابع وهو بعنوان"قراءة النص الدينى" فتحدث من خلاله عن بنية النص القرآنى الذى عده أركون وحدة واحدة، وذات طبيعة مجازية أسطورية، وطبيعة تاريخية يحول الواقع التاريخى المعاش إلى رموز، ومفاهيم مطلقة لتحقيق غاية النص.
أما الفصل الخامس والأخير الموسوم بـ"ملاحظات نقدية"، فقد تناول وجهة نظر الكاتب النقدية للمشـروع الأركونى على المستوى الفكرى، والمنهجى، والتأويلى، مبيناً مدى تحقيق أركون لأهداف مشـروعه المعلنة، وكاشفاً عن مضمرات الخطاب الأركونى المسكوت عنها. ومدى إمكانية تحقيق المنهجيات التى يقترحها أركون، ومدى ملاءمتها لقراءة الفكر الإسلامي، وإنتاجيتها وخدمتها للمشـروع النهضوى العام.