يعتبر الدكتور مصطفى محمود واحدا من المفكرين والكتاب الذين أثاروا جدلا كبيرا فى حياتهم واختلف الناس بين معجب بالرجل بصورة كاملة وبين مختلف معه ومع أفكاره، لكن الجميع يجمع على دوره وأثره.
ومذكرات الدكتور مصطفى محمود والتى صدرت طبعتها الـ11 للكاتب الصحفى والباحث السياسى السيد الحرانى، التى كان قد سجلها معه قبل رحيله ونشرت بعد وفاته مباشرة فى 30 حلقة صحفية، وصدر الكتاب فى 400 صفحة من الحجم الكبير عن دار اكتب للنشر والتوزيع لتجيب على الكثير من الأسئلة الغامضة فى حياة المفكر الراحل، والتى ظلت بلا إجابات لسنوات طويلة .
تنقل المذكرات حياة مصطفى محمود بكل مشكلاته وتجاربه التى جعلته يعيش مع قبائل نم نم ويقطع المسافة من السودان إلى مصر سيرا على الأقدام، كما أجاب فيها المفكر عن مشكلات التجربة الناصرية وسبب العبور بالتجربة الساداتية وأسباب انهيار التجربة المباركية متوقعا رحيل نظام مبارك، والمذكرات حملت الكثير من المعلومات يمكن أن نعتبرها تجربة زمن وعصر وتجارب متلاصقة ومتناقضة من ملكية إلى جمهورية ثورية ثم اشتراكية ثم رأسمالية ثم جمهورية بلا أى ملامح (مطموسة الهوية).
ذكر الكاتب كل ما عاناه مصطفى محمود فى حياته وأيضا كل ما كان سببا فى بهجته، وأيضا تطرق إلى مرحلة الإلحاد (إيمانه بالسببية المادية) فى حياة الرجل وتراجعه عنها ومرحلة التصوف ومرحلة أخرى وهى طرح التجديد والتفسير فى مضمون ومظهر الخطاب الدينى وتنقيح كتب التراث (التى تسببت فى الهجوم عليه ومعاناته الدفاع عن نفسه من اتهامات التكفير والردة حتى آخر أيام حياته).
كما تناول الكتاب مرحلة الخلاف مع كثيرين ومن بينهم العدو الإسرائيلى والتى تجسدت فى مقالاته بجريدة الأهرام (التى صدرت فى ثلاث كتب بعد ذلك)، وبعض حلقات برنامجه العلم والإيمان مما تسبب فى انزعاج بعض الجمعيات الإسرائيلية التى تواجه كل من يهاجمهم بدعوة مواجهة عدم التشهير ومهاجمة دولة إسرائيل والتى بالفعل طالبت الدولة المصرية بمواجهة هجوم مصطفى محمود لهم وترتب على ذلك توجيه خطاب رسمى يطالب بوقف مقالات مصطفى محمود فى الأهرام ومنع عرض برنامجه العلم والإيمان على شاشة التليفزيون المصرى .
وأكد الكاتب أن مذكرات مصطفى محمود ليست مجرد مرحلة فى حياته الصحفية والمهنية تخطاها بل هى جزء أصيل من تجربته الصحفية والأدبية أيضا حيث يعتبرها ليست تجربة كتابة سياسية أو اجتماعية أو معلوماتية بقدر ما هى تجربة أدبية روائية .
أما عن دور النساء فى حياة مصطفى محمود، فيضيف الكاتب أن الدكتورة نوال السعداوى قالت عنه أنه كان زير نساء، وأن الدكتور وضح ذلك من خلال أن كان له باب اسمه اعترافات عشاق وجاء فى يوم اتصال من فتاة كان فيه رقة فأعطى لها موعد واكتشف أنها جميلة جدا وتزوج بها وأصبحت أم أبنائه إلا أنها كانت غيورة بالدرجة التى أدت إلى انفصالهما فيما بعد، وتزوج مصطفى محمود مرة أخرى فى سن الستين ولم يستمر أيضا أكثر من سنتين ولكنه ظل على علاقة جيدة بطليقته الثانية.
وأخيرا المذكرات تطرح التجربة الفكرية والفلسفية والنفسية والزوجية والإنسانية والفنية والصوفية والدعوية والشعرية والروائية والقصصية فى حياة المفكر الراحل وناقش الكاتب كل القضايا وفتح معه كل الملفات المصرية والعربية والعالمية الدينية والدنيوية والشخصية والعامة لذلك استطاع خلاها أن يحصل منه عن تجارب تعد بمثابة رؤية حقيقية وواضحة لمستقبل أفضل .