فى مسلسل جديد لبيع جزء من التراث المصرى والإسلامى، وفقدان أحد مظاهر المخزون الحضارى والتراثى المصرى، والذى أصبح عرضاً مستمراً لا يختفى، فلا يمر شهر أو الآخر حتى تجد مخطوطة أثرية أو تمثالاً من القطع المصرية النادرة معروضة للبيع فى إحدى صالات المزادات العالمية.
أعلنت دار كريستز عرض مخطوط قرآنى للبيع يعود للعصر المملوكى، يعرض فى قسم فن العالمين الإسلامى والهندى، فى 2 مايو 2019 فى كريستيز بلندن، ويرجح الموقع أن يصل سعر المخطوط ما بين بين 500 إلى 800 ألف جنيه إسترلينى.
فهل تتحرك وزارة الثقافة، ممثلة فى دار الكتب والوثائق القومية، لوقف بيع تلك المخطوط القرآنى النادر، وتتخذ سريعا عددًا من الإجراءات والتدابير، بإعداد ملف مدعم بكل الوثائق التى توضح بجلاء ملكية مصر لهذا المخطوط وتاريخ فقده من واقع سجلات وفهارس دار الكتب المصرية، وهو الإجراء المتبع فى كل الحالات المماثلة؟، أسوةً بما تم من قبل حيث نجحت دار الكتب فى استعادة مخطوط "المختصر فى علم التاريخ" للكافيجى.
ويحمل المخطوط المعروض للبيع توقع "الملك الأشرف"، أو "السلطان قايتباى"، ويعتبر من ضمن المخطوطات الملكية، وحسبما يذكر الموقع فإنه على الرغم من أن هذا المخطوط القرآنى الضخم يرجع لأكثر من 500 عام، إلا أن صفحاته فى حالة ممتازة وتحتفظ بلونها اللامع"، حيث كان ضمن مجموعة خاصة منذ عام 1982"، وأكد خبير مخطوطات الدار أنه "لم يتم طرح أى شىء مشابه لذلك فى السوق خلال الثلاثين عامًا الماضية".
ووفقًا لويليام روبنسون، المدير الدولى للفن الإسلامى فى كريستيز بلندن، هناك أكثر من عامل أساسى يجعل هذا المخطوط القرآنى غير عادى، الأول يكمن فى الأصل الملكى، حيث يقول: "من النقش على الصفحة الأمامية المضاءة على صفحتين، نعلم أن هذا المصحف المملوكى صنع لسلطان الملك الأشرف سيف الدين قايتباى، الذى حكم من 1468 إلى 1496".
واستخدم خط الثلث بشكل مذهب، وهو خط إسلامى أنيق، على غلاف بلون اللازورد، ويوضح المتخصص "من غير المعتاد بالنسبة للقرآن الذى يعود إلى هذه الفترة أن يكتمل بصفحاته الأمامية والخلفية الأصلية وغير المضطربة، وكذلك اسم وتاريخ الكاتب"، مشيرا إلى أن مخطوطة القرآن المملوكى بهذا الحجم نادرة للغاية، وهذا هو السبب الذى يجعله تحظى بالكثير من الاهتمام عندما يأتون إلى السوق.
العامل الثانى هو حجم الورقة، التى تبلغ مساحتها 68 سم × 45،5 سم (26¾ × 18 بوصة)، وهذا يعادل تقريباً حجم الورق البغدادى الذى تم تطويره فى مدينة بغداد والذى تم تبنيه فى جميع أنحاء العالم الإسلامى فى العصور الوسطى، وبالنسبة لروبنسون، فإن حجمه الكبير يشير إلى أنه وهب بالفعل لأحد مؤسسات قايتباى، ولم يبع إلا بعد ذلك إلى "جامع مخطوطات".
ويقول: على الرغم من أن هذا المخطوط الضخم يرجع إلى أكثر من 500 عام إلا أنه خالٍ من اثنين من أفظع ويلات الكتب القديمة فى العالم الإسلامى: الحشرات والرطوبة.