دائمًا ما نسمع عن العصر الحجرى، العديد من الاكتشافات الأثرية فى الشهور الأخيرة، أعلن إنها تنتمى لذلك العصور شديدة القدم، لكن ربما لا يعرف الكثير عن شكل مصر فى تلك الحقبة الزمنية، ولا يعرف كثيرًا كيف كانت حياة البشر فى البلاد خلال تلك العصر.
ويطلق مصطلح العصر الحجرى، على العصور ما قبل التاريخ فى مصر، والتى تمثل كل الفترات الزمنية التى عاشها الإنسان قبل أن يتوصل إلى تكوين الأسرات - معرفة الكتابة - حوالى ٣٢٠٠ ق.م"، استعمل فيها الإنسان عامة الحجارة لصنع الأدوات صنعت الأدوات من أنواع عديدة من الحجارة بتقطيعها أو نحتها لتستعمل كأدوات للتقطيع وكأسلحة ولعدة مآرب أخرى.
وكانت دراسة أثرية قدمها الدكتور نادر الحسينى، المدرس المساعد بكلية الآثار بجامعة القاهرة، فى ملتقى "الصحارى والبحيرات فى عصور ما قبل التاريخ"، أكتوبر الماضى، توصلت إلى أن الحياة فى مصر بدأت قبل نحو 150 ألف سنة، بينما جاء عصر التدوين "الأسرات" قبل نحو أكثر من 3000 ق.م.
ووفقا لتلك الدراسة وما أكدته الحفائر التى تم اكتشافها فى تلك المناطق مثل الواحات الداخلة والخارجة وواحة الفرافرة، فقد تم العثور على العديد من الأدوات الحجرية التى استخدمها الإنسان فى تلك الفترة من فؤوس يدوية وشواطير، ومكاشط لصيد الحيوان وجمع النبات، هذا بالإضافة إلى البقايا الحيوانية التى أشارت إلى أنواع الحيوانات التى اعتاد الإنسان على اصطيادها من برية وزراف وغزال.
وقد أدت التغييرات فى الظروف المناخية وانقطاع الأمطار، وخلو الأراضى من النباتات والأعشاب إلى زحف الإنسان وراء الماء والطعام حتى استقر عند وادى النيل، مكونًا ما اصطلح العلماء على تسميته "العصر الحجرى الحديث"، حيث اكتشف فيه الإنسان الزراعة، وعرف تدجين الحيوان، وصناعة الفخار، فعاش حياة مستقرة تمثلت فى البداية من جماعات ثم مستعمرات، ومن ثم قرى ومنها إلى مصر موحدة شمالاً وجنوبًا ٣٢٠٠ ق.م.
وقسم كتاب تاريخ مصر الفرعونية للدكتور أحمد ماهر، العصر الحجرى إلى ثلاث مراحل حضارية، الأول هو العصر الحجرى القديم الأسفل، حيث أكد أن الظروف القاسية كانت تتحكم فى حياة الإنسان، حيث كان فيها الإنسان المصرى الأول يعيش حياة غير مستقرة، وتنقل من مكان إلى آخر، بحثًا عن الغذاء وسكن الكهوف، واحترف صيد الحيوانات والطيور، واعتمد على جمع البذور والثمار، وصنع أدواته من الحجر مثل السكين والمنشار، وفى أواخر هذا العصر عرف الإنسان طريقة استخدام النار، والتى ساعدته فى الطهى والإضاءة وإبعاد الحيوانات المتوحشة وصيدها، ويعتقد المؤلف أن هذا العصر بدأ قبل نحو 100 ألف سنة قبل ظهور المسيح.
أما المرحلة الثانية وهى العصر الحجرى القديم الأوسط، والذى ظهرت فيه صناعات حجرية وانتشر آلات وتطورات، لكن خلاله ازداد الجفاف، وقل المطر وانتشر الأحوال الصحراوية، وتنتهى حضارات هذا العصر حوالى عام 10 آلاف قبل الميلاد، أما المرحلة الاخيرة كانت العصر الحجرى الحديث والتى ترجع إلى 6000 أو 5500 سنة قبل ميلاد المسيح، وهى الفترة التى اضطر فيها الإنسان المصرى على ترك الهضاب واللجوء إلى وادى النيل، واهتدى فيها إلى الزراعة، وظهرت التجمعات السكانية على شكل قرى.
ووفقا لما جاء فى موسوعة "مصر القديمة (الجزء الأول) للدكتور سليم حسن، فإن العصر الحجرى الحديث هو العصر الحقيقى الذى أهلت فيه مصر بالسكان، كما أنه كان عصر نهضة صناعية، وذلك نتيجة تحول الإنسان من الصيد إلى الرعى والزراعة.
وبالعودة إلى كتاب "تاريخ مصر الفرعونية"، يظهر حقبة أخرى تفصل بين عصر بداية الأسرات وبين العصور الحجرية القديمة والحديثة، يسمى بالعصر الحجرى النحاسى، وهو عصر استخدام المعادن وهو العصر الذى ينتهى ببداية عصر الأسرات فى مصر، وعرف المصريون فيه: "النحاس، البرونز، الذهب، وتطورت فى هذه العصر صناعة نسيج الأقمشة والأوانى الفخارية، وبنيت المساكن من اللبن بدلا من الطين والبوص وفرشت بالحصير المصنوع من نبات البردى.