تمر اليوم ذكرى رحيل الولد الشقى محمود السعدنى الذى رحل فى 4 مايو 2010 بعد 82 عاما قضاها فى صناعة البهجة.
ولد محمود السعدنى عام 1928 بالجيزة، وبدأ العمل بالصحافة فور تخرجه، وكان يكتب فى بعض الصحف والمجلات الصغيرة، ثُم انتقل للعمل فى مجلة "الكشكول" التى كان يُصدرها الراحل مأمون الشناوى، وظل يكتب فيها حتى تم إغلاقها، ما اضطره للعودة إلى العمل كصحفى بالقطعة فى جريدة "المصرى" التى كانت لسان حال حزب الوفد فى ذلك الوقت، وعمل أيضًا فى دار الهلال، ولم يلبث أن أصدر مجلة هزلية بالتعاون مع رسام الكاريكاتير طوغان، ولكن تم إغلاقها بعد إصدار أعداد قليلة، وظل على هذا الحال حتى قيام ثورة يوليو 1952
أيّد محمود السعدنى الثورة منذ قيامها، وانتقل للعمل فى جريدة الجمهورية، والتى أصدرها مجلس قيادة الثورة وعهد إلى أنور السادات الذى كانت له تجربة صحفية بدوره- برئاستها لتكون لسان حال الثورة، واستمر السعدنى فى العمل بعدما تركها السادات وتولى رئاسة البرلمان، وتولى كامل الشناوى، مسئولية تحريرها، ولكن سُرعان ما تم الاستغناء عن خدمات السعدني مع العديد من زملائه منهم عبد الرحمن الخميسى، فانتقل للعمل مُديرًا لتحرير مجلة روز اليوسف الأسبوعية إبان تولى إحسان عبد القدوس رئاسة التحرير، وكانت لا تزال حينها مملوكة للسيدة فاطمة اليوسف والدة إحسان، قبل أن يتم تأميمها فيما بعد.
بدأت علاقة السعدنى تسوء مع نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إبان زيارة عمل له إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، فعندما كان هناك طلب منه أعضاء فى الحزب الشيوعى السورى توصيل رسالة مُغلقة للرئيس عبد الناصر، وعند عودته قام بتسليمها إلى السادات دون أن يعلم محتواها؛ وكانت الرسالة تحتوى تهديدًا لعبد الناصر، فتم إلقاء القبض عليه وإلقاؤه فى السجن عامين تقريبًا، وبعد الإفراج عاد للعمل فى روز اليوسف التى خضعت للتأميم، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة صباح الخير؛ وانضم إلى التنظيم الطليعى وهو التنظيم السياسى الوحيد آنذاك الذى كان له فى تلك الفترة نفوذ كبير.
بعد وفاة الرئيس عبدالناصر حدث صراع السلطة الشهير بين الرئيس السادات وعدد من مسئولى النظام، والذى انتهى باستقالة هؤلاء واعتقال السادات لهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب، فيما عُرف بثورة التصحيح مايو 1971، وكان اسم السعدنى ضمن القائمة التى تم اعتقالها، وتمت محاكمته أمام محكمة الثورة التى أدانته وحكمت بسجنه، وفى تلك الفترة حاول الرئيس الليبى السابق معمر القذافى التوسط له عند الرئيس السادات، إلا أن السادات رفض قائلًا أن السعدنى قد أطلق النكات عليه وعلى أهل بيته "ويجب أن يتم تأديبه ولكنى لن أفرط فى عقابه"، ليقضى الساخر الكبير عامين آخرين فى السجن حتى تم الإفراج عنه بقرار من الرئيس الذى أصدر كذلك قرارا جمهوريا بفصله من عمله فى مجلة صباح الخير، ومنعه من الكتابة، ومنع ظهور اسمه فى أية جريدة مصرية عندها قرر السعدنى مغادرة مصر والبحث عن عمل فى الخارج.