نسمع دائما عن نظرية التناسخ، ونعرف أنها ليست موجودة فى كل الديانات والمذاهب لكنها موجودة فى بعض الديانات والمذاهب والطوائف مثل الهندوسية، السيخية، الجاينية، البوذية، الطاوية، الفلسفة اليونانية، اليهودية، الصوفية، الدرزية وديانات السكان الأصليين الأمريكيين (المايا والانكا).. فكيف نظر إليها الإسلام؟
اختلف كثير من العلماء فى حقيقة تناسخ الأرواح، وهل لها وجود أنها أم مجرد خرافة؟ وهناك العديد من المذاهب الإسلامية التى تؤمن بالتناسخ منها مذاهب الطائفة العلوية، ومنها المذهب التوحيدى والمعروف باسم المذهب الدرزى ومذاهب شيعية منها الإسماعيليين.
أما مذهب أهل السنّة فإنهم يحرمون التناسخ رغم أن الإمام أبو هامد الغزالى قد أشار فى كتابه تهافت الفلاسفة إلى نوع من التناسخ مرتبط بالبعث، حيث يرى أن الأرواح سوف تعود إلى أجساد جديدة.
وفى التاريخ الإسلامى، وحسب كتاب "ضحى الإسلام" لـ أحمد أمين "كان أثر التناسخ في بعض الفرق الدينية كبيرا، فقد قال أحمد بن حئط (وقد كان من المعتزلة ثم تبرأوا منه) وأبو مسلم الخراسانى، والقرامطة، ومحمد بن زكريا الرازى: إن الأرواح تنتقل بعد مفارقتها الأجساد إلى أجساد أخرى، وإن لم تكن من نوع الأجساد التى فارقت".
وقد اختلف الكثيرون من أهل العلم بتفسير بعض الآيات منها "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) فى سورة النساء، والتى تشير فى تفسيرها عند البعض إلى وجود تناسخ للأرواح.
عقيدة تناسخ الأرواح عند النصيرية والدروز
كل من الشيعة النصيرية والشيعة الدروز يؤمنون بعقيدة التناسخ، وذلك بانتقال أرواح من مات منهم إلى أجسام أخرى، أو أجساد أخرى، لكن هناك اختلاف بينهما فى ذلك:
التناسخ عند الشيعة النصيرية
يشير كتاب "دوامات التدين" إلى أن التناسخ عند الشيعة النصيرية لا ينحصر بين البشر فقط، أى لا يقتصر على انتقال الروح من إنسان إلى إنسان، بل قد يكون أحياناً بين البشر وبين البهائم كالكلاب والحمير وأيضا بينهم وبين الحشرات، وبينهم الحيوانات والجماد، وبالمجمل هم يؤمنون بأربعة أنواع من التناسخ:
النوع الأول: النسخ، وهو انتقال الروح من جسم الآدمى إلى جسم آدمى آخر .
النوع الثانى: المسخ، وهو انتقال الروح من جسم الآدمى إلى جسد حيوان.
النوع الثالث: الفسخ، وهو خروج الروح من جسم الآدمى إلى جسد حشرة من حشرات الأرض.
النوع الرابع: الرسخ، وهو انتقال الروح من جسم الآدمى إلى الشجر أو النبات أو الجمادات.
التناسخ عند الشيعة الدروز
الدروز يقصرون تناسخ الأرواح بين الأجسام البشرية فقط، ويسمونه التقمص، بمعنى إن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنسانا آخر، يولد بعد موت الأول، فإذا مات الثانى تقمصت روحه إنساناً ثالثاً، وهكذا فى مراحل متتابعة للفرد الواحد.
حتى أنهم يزعمون أن روح الدرزى لا تنتقل لجسد غير درزى، وهكذا المسلم ينتقل إلى مسلم، والنصرانى إلى نصرانى وهلم جرّا.
كما قال المتصوفة كما هو معروف فى التراث الإسلامى بالحلول والاتحاد، وهى نظرية تجمل فى أحد وجوهها ملامح "نظرية التناسخ".