خلال شهر رمضان المبارك نقدم لكم سلسلة "افطر مع رواية"، ونقدم من خلال عرض لإحدى الروايات العربية الحاصلة على الجوائز الكبرى، ونقدم لكم اليوم رواية " مديح لنساء العائلة" للروائى الفلسطينى محمود شقير، والصادرة عام 2015 عن دار هاشيت أنطوان فى بيروت، ودخلت فى القائمة النهائية "القصيرة" للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" لعام 2016.
يروى الكاتب الفلسطينى "محمود شقير" فى هذه الرواية حكاية نساء عشيرة "العبد اللات"، اللائى لم يسكتن على سلوك "رسمية" التى ارتدت السروال الداخلى القصير ورافقت زوجها إلى سهرة، مثلما لم يسكتن عن "نجمة" التى خلعت الثوب الطويل وارتدت الفستان بعد مغادرتها رأس النبع وإقامتها فى المدينة، "سناء" أيضًا، الموظفة فى بنك، لقيت نصيبها من مرّ الكلام بعد أن نزلت مياه البحر ولوحت الشمس بياض ساقيها. كل ذلك و"وضحا"، سادس زوجات "منان"، كبير العشيرة، لا تزال تتوجس من الغسالة والتلفزيون المسكونين بالعفاريت. هؤلاء هنّ نساء "العبد اللات". من خلالهنّ، وتكريما لهنّ، يكتب "محمد بن منان" تاريخ العشيرة التى هاجرت قبلا من باديتها وتستعد اليوم لهجر بداوتها. إنه عصر التحولات السياسية والاجتماعية بعد النكبة، وطفرة الحداثة، وبذور الصراع التى بدأت تنمو فى فلسطين الخمسينيات من القرن العشرين.
يثنى الفلسطينى محمود شقير فى روايته "مديح لنساء العائلة" على تشبت المرأة الفلسطينية بالقيم والعادات والأعراف الفلسطينية، والولاء والانتماء للأرض المستلبة والمغتصبة، وكيف أن دورها أسهم فى التأسيس لحالة من القوة الداخليّة للأسرة المتماسكة، وتصوير مفارقات من الزعزعة التى تعرّضت لها أسر كثيرة جراء الاستخفاف بدور المرأة فى حمايتها، والمحافظة عليها.
يتقصى شقير سيرة منان عبد اللات ونسائه وأولاده ونسائهم، وعلاقاتهم المتشعبة وتنقلاتهم بين المشرق والمغرب، وكيف أن أسرة منان تعد نموذجاً للأسر الفلسطينية التى وقعت فريسة التشريد بكل أنواعه؛ فهناك من تشرد داخل البلد، وهناك من حاول البحث عن ذاته فى الخارج، فانتكس وأضاع بوصلته فى معمعة الغربة، ويرصد كذلك واقع الاغتراب الذى يعانيه الفلسطينى ويعيشه فى أرضه وبين أهله، وكيف أنّ سلطات الاحتلال تحكم قبضتها على الناس وتقيّدهم بنمط معيّن من القرارات والقوانين الطارئة التى تحوّل حياتهم إلى جحيم فى ظلّ الاستبداد الذى تمارسه بحقّهم.