توالت الحملات الصليبية على الشرق، وقد كانت مصر هدفا أساسيا ومقصودا من هذه الحملات، لأن الغرب كان يعرف أن القاهرة هى أصل النهضة وبلد المقاومة، ومن ذلك ما حدث فى الحملة الصليبية الخامسة.
كانت البداية عندما قام البابا إنوسنت الثالث (594 - 613هـ/1198 - 1216م) الذى استطاع فرض سيطرته فى أوروبا بالدعوة للحملة الصليبية الخامسة.
وفيما يسمى بمجمع اللاتيران الكنسى الذى عقد سنة 612هـ/ 1215م شرح البابا مدى سوء حال المستوطنين الصليبيين فى فلسطين، وأن المسلمين ينتهكون حرمات كنيسة القيامة ويتهكَّمون على صلب المسيح، وأوضح البابا أن المسلمين بنوا حصناً جديداً على جبل الطور، وهو المكان الذى شهد عظمة المسيح ومجده، وأنهم باتوا يهدَّدون عكا وهى آخر ما تبقّى من مملكة بيت المقدس، وناقش بعض الإجراءات الضرورية لتوفير النفقات الضرورية لتجهيز الحملة المقترح، على أن تكون وجهتها مصر.
لكن البابا إنوسنت الثالث مات سنة 1216م وخلفه الكاردينال المسن سافيللي (Savelli) ) تحت اسم البابا هونريوس الثالث (Honorius II) (1216 - 1227م). وتحَّدد تاريخ ربيع الأول 614هـ/يونيو 1217م، موعداً لانطلاق الحملة، وهو تاريخ انتهاء الهدنة مع المسلمين.
وكرَّس البابا الجديد جهده، وجهد المجتمع الغربي نحو الحرب الصليبية وحث ملوك أوروبا على الاشتراك بالحملة، غير أنه لم يستجب إلا عدد ضئيل منهم، فلبى النداء كل من "ليوبولد" ملك النمسا، و"أندريه الثاني"ملك المجر، و"بهمايو" ملك قبرص وغيرهم، وقد تقرر تغيير خط سير الحملات المعتادة، حيث كانت مصر هى الهدف هذه المرة وليست الشام.
وكانت هناك أسباب عديدة تحفز الصليبيين على النزول بقواتهم في دلتا النيل بدلا من ضفاف الأردن، أولها رغبة المدن التجارية الإيطالية (الممول الرئيس للحملة) في السيطرة على تجارة المتوسط وضرب المنافسة المصرية في عقر دارها بالسيطرة على ميناء دمياط أهم موانئ شرق المتوسط آنذاك، وثاني هذه الأسباب يكمن في المذهب السياسي/ العسكري للصليبيين، ومؤداه أن هزيمة مصر أو تحييدها على الأقل خير ضمان لبقاء المستوطنات الصليبية. أما السبب الثالث فكان استرداد الشرف العسكري الذي تمرغ بهزيمة حطين وفقدان القدس.
وللحديث بقية..