تمر اليوم الذكرى الـ1345، على رحيل الحجاج بن يوسف الثقفى، حسب التقويم الهجرى، إذ يعتقد أن القائد الأموى السابق، رحل فى يوم فى 21 رمضان 95هـ، الموافق 9 يونيو 714م، عن عمر ناهز 53 عاما.
وأبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفى، هو قائد فى العهد الأموى، ولد ونشأ فى الطائف وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان فى عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قَلَّدَه عبد الملك أمر عسكره.
أمره عبد الملك بقِتالِ عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيش كبير وقتل عبد الله وفرَّق جموعه، فولاَّه عبدُ الملك مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليها العراق.
ويذكر عن الحجاج الثقفى، أنه عمل بالتدريس واشتغل فترة معلما للصبيان، بينما ترى مصادر أخرى أن ذكر عمل الحجاج بن يوسف بالتدريس تحقير من شخصية الرجل.
وبحسب كتاب " الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه" للدكتور محمود زيادة، فإن عددا من المراجع ذكرت أن الحجاج كان معلم صبيان بالطائف، وهم إذا قالوا معلم صبيان فإنما يقصدون بهذا الوصف التحقير، فيكفى أن يكون الرجل عندهم من معلمى الصبيان، ليبان أنه ضعيف العقل مأفون الرأى، ساقط الهمة، وقد ضربوا المثل بحماقة المعلم، حيث يبالغ البعض فيقول إن ذلك فى عرف العرب يوازى الحكم بالأشغال الشاقة.
والسبب فى احتقار العرب للمعلم، أنهم كانوا يحتقرون الصناعات، والتعليم من جملتها فلا يشتغل به إلا المستضعف الذى ليست له عصبيته، فأوحى إليهم هذا الفهم الخاطئ ما أوحى من هجاء.
ويوضح الكتاب، أن الحجاج نفسه لم تتفق معه المصادر على عمل كان يتولاه فى صباه فقد ذكر البعض أنه كان معلم صبيان بالطائف، بينما قال آخرون إنه كان دباغا، وقال فريق ثالث إنه كان بائع زبيب، أما قصة أنه كان دباغا أو بائع زبيب فذلك مستبعد "بحسب وصف المؤلف" لأننا إذا سلمنا بأن والده معلما فإن العسير على أهل العلم أن ينشئوا أبناءهم فى الصناعات، والتعليم ميسور أمامهم، وخاصة فى تلك العصور التى كان فيها الأبناء يتوارثون وظائف الآباء.
ولفت المؤلف إلى أن الذين أرادوا أن ينالوا من الحجاج، اصطنعوا القصص من أجل هجائه، مشيرا إلى أنه إذا كان الحجاج معلما وأباه كذلك من قبله، فهذه قصة سلم بها الكثيرون، ولكنهم اختلفوا فى تقدير العمل من حيث هو، فالتعليم وخاصة فى صدر الإسلام لم يكن صناعة، وإنما كان نقلا لما سمع من الشارع وتعليما لما جهل من الدين على جهة البلاغ، وكان القائمون بهذا الأمر من أهل الأنساب والعصبية، وكان والد الحجاج من سادا تثقيف وأشرافهم، ومكانهم من عصبية العرب ومناهضة قريش معروفة، وحين صار التعليم صناعة اشتغل به المستضعفون، حينما استقر قواعد الإسلام، اشتغل أهل العصبية بأمور الملك والسلطان وتركوا التعليم.
ووفقا لما ذكره كتاب " سيرة الحجاج بن يوسف الثقفي ما له وما عليه" للدكتور جمال بن محمد بن محمود، إنه من خلال استعراض نسب الحجاج، نرى أن اسم والده هو يوسف بن الحكم بن عقيل، وذكرت كتب التاريخ والتراجم أن مهنته معلم للصبيان، وكانت هذه المهنة ليست ذو شأن عند العرب، حتى أنهم كانوا يقولون فى أمثلتهم "كيف يرجى العقل والرأى عند من يروح على أنثى ويغدوا على طفل".