تمر اليوم ذكرى تولى الصحابى أسامة بن زيد، إمارة الجيش الإسلامى، حيث أرسله النبى محمد عليه الصلاة والسلام، لتأمين حدود شبه الجزيرة العربية من هجمات الروم، وذلك فى 28 مايو سنة 632 م.
وكان النبى الكريم قد رأى أن ما تحقق ليس كافيا، وأن خطر الروم مازال قائما، وجعل الجيش لـ أسامة بن زيد، من أجل تأمين حدود دولته، وكان الصحابى الجليل شابا لم يتجاوز العشرين من عمره، حيث أمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، وأن يفاجئ العدو قبل أن يستعد لخوض المعركة، فتحل به الخسائر.
وبحسب كتاب "أطلس حروب الردة: فى عهد الخليفة الراشد أبى بكر الصديق" للدكتور سامى بن عبد الله المغلوث، كان أسامة مفطورا على حب الجهاد والخروج إلى الغزو، شجاعا مقداما منذ نشأته، فخرج مع النبى عليه الصلاة والسلام، فى غزوة أحد، لكنه رده لصغر سنه، ثم شارك فى "الأحزاب" بعد أن أشتد عوده، واشترك مع أبيه زيد بن حارثة فى غزوة مؤتة، وكان ممن ثبت مع النبى فى "حنين" حين تفرق المسلمون فى الجولة الأولى من المعركة وفر منهم من فر.
غير أن مؤهلات أسامة لم تشفع عند الصحابة لقيادة الجيش، فرأوا فى هذه التولية رأيا، وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين والأنصار، فلما بلغت النبى هذه المقالة، وجيش أسامة مقيم بالجرف، غضب غضبا شديدا، وكان فى مرض الموت، فأمر نساءه أن يرقن عليه الماء، حتى تهدأ الحمى، وخرج متحاملا على نفسه، وصعد المنبر، فحمد لله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس فما مقالة بلغتنى عن بعضكم فى تأميرى أسامة، فوالله لئن طعنتم فى إمارتى أسامة، لقد طعنتم إمارتى أباه من قبل، وأيم الله إنه كان للإمارة لخليق، وإن ابنه من بعده لخليق بالإمارة" وعلى الرغم من اشتداد المرض على الرسول، فإنه كان حريصا على قيادة حملة أسامة، مدركا أهمية ما يقوم به، وكان يقول لمن يزوره فى مرضه، أنفذوا جيش أسامة، ويقول لأسامة حين يزوره "اغدوا على بركة الله" وشاء الله أن يلحق النبى بجوار ربه وجيش أسامة قابع فى الجرف خارج المدينة.