تمر اليوم الذكرى الـ1438، على زواج النبى محمد صلى الله عليه وسلم، من السيدة عائشة بنت أبى بكر، حيث كان ذلك بعد الهجرة ببضعة أشهر، وذلك فى الثانى من شوال، وهى الزوجة البكر الوحيدة لخاتم المرسلين، فلم يتزوج النبى بكرًا غيرها.
وهناك خلاف قديم فى سن السيدة عائشة عند زواجها من النبى عليه السلام، ما بين الروايات التى تنقلها أغلب كتب التراث الإسلامى، وما بين الروايات الحديثة.
وبالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية ( الكامل- تاريخ دمشق - سير اعلام النبلاء - تاريخ الطبرى - البداية والنهاية - تاريخ بغداد - وفيات الأعيان، وغيرها الكثير)، إضافة إلى الصحيحين "مسلم، البخارى"، تكاد تكون متفقة على الخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية كالتالى: فكانت الهجرة للمدينة عام (623م)، والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أى فى عام (620م)، وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحى، وكانت تبلغ من العمر (6) سنوات، ودخل بها فى نهاية العام الأول للهجرة أى فى نهاية عام (623م)، وكانت تبلغ (9) سنوات، وذلك ما يعنى حسب التقويم الميلادى أى أنها ولدت عام (614م)، أى فى السنة الرابعة من بدء الوحى حسب رواية البخارى.
أما الروايات الأخرى، ومنها ما يذكره كتاب "أفلا يتدبرون القرآن" للدكتور محمد ناصر قطبى، فإن السيدة عائشة هى الزوجة البكر الوحيدة للنبى عليه السلام،ولم تنجب للنبى أى ذرية، وكان عمرها وقت الهجرة 17 عاما، فهى تصغر أختها أسماء بعشرة سنوات، ويوضح المؤلف أن النبى خطبها فى عمر 16 سنة ودخل بها بعد الهجرة فى المدينة وهى بنت 18 سنة.
وفى كتاب "الصدِّيقة بنت الصدِّيق" للأديب الكبير عباس محمود العقاد، فالروايات تختلف فى سن السيدة عائشة يوم زفت إلى الرسول، لكن الأرجح كما يؤكد صاحب "العبقريات" أن السيدة عائشة كانت لا تقل عند زفافها بالنبى عن الثانية عشرة ولا تتجاوز الخامسة عشر بكثير، فقد جاء فى بعض المواضع من طبقات ابن سعد أنها خطبت وهى بنت التاسعة أو السابعة، ولم يتم الزفاف كما هو معلوم إلا بعد فترة بلغت خمس سنوات فى أشهر الأقوال، ويؤيد هذا الترجيح أن السيدة خولة اقترحتها على النبى وهى فى السن المناسبة للزواج، ويؤيد هذا الترجيح أيضا، أن السيدة عائشة كانت مخطوبة لجبير بن مطعم قبل خطبتها إلى النبى، وأن خطبة النبى كانت فى نحو السنة العاشرة للدعوة.
ولعل ما يتفق مع رواية العقاد كتيب "بحوث مؤتمر الانتصار للصحيحين نحو منهجية علمية للتعامل مع الصحيحين 3 - 4 " من أعمال إحدى المؤتمرات العلمية لكلية الشريعة الأردنية، وفيه أن السيدة عائشة كانت عند غزوة أحد فى الخامسة عشرة من عمرها، وغزوة أحد كانت فى العام الثالث للهجرة، أى بعد دخول النبى "ص" بها بعامين ومن ثم تكون عند زواجها من النبى "ص" فى العام الثالث عشر من عمرها، وليس التاسع أو العاشر كما فى الصحيحين.