نواصل اليوم الوقوف مع كلام الإمام القرطبى فى تفسيره المعروف بـ "الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآى الفرقان" ونقرأ اليوم ما قاله فى تفسير سورة الفاتحة فى آية "الرحمن الرحيم".
قوله تعالى: (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وصف نفسه تعالى بعد (رَبِّ الْعالَمِينَ)، بأنه (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)، لأنه لما كان فى اتصافه بـ (رَبِّ الْعالَمِينَ) ترهيب قرنه بـ (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)، لما تضمن من الترغيب، ليجمع فى صفاته بين الرهبة منه، والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته وأمنع، كما قال: (نَبِّئْ عِبادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِى هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ). وقال: (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِى الطَّوْلِ).
وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد". وقد تقدم ما فى هذين الاسمين من المعاني، فلا معنى لإعادته.