من الكتب المهمة كتاب "لماذا الحرب؟" والذى جمع بين سيجموند فرويد وألبرت أينشتاين، وظهرت ترجمته من تقديم وتحرير الدكتور نادر كاظم ترجمة جهاد الشبيني.
وفى المقدمة قال نادر كاظم، كلفت عصبة الأمم والمعهد الدولى للتعاون الفكرى فى باريس فى العام 1932، عالم الفيزياء المشهور ألبرت أينشتاين (1879 -1955) بإدارة نقاش صريح حول أية مشكلة يختارها هو بنفسه.
كان على أينشتاين أن يختار موضوع النقاش والشخص المناسب الذى سوف يتبادل معه وجهات النظر فى هذه المناظرة. وقد اختار أينشتاين للنقاش مشكلة الحرب وأسبابها وكيفية الخلاص من تهديدها. واختيار موضوع النقاش سيسهل عملية اختيار الشخص المناسب كشريك لاينشتاين فى هذه المناظرة الثنائية، وكان من امنتظر أن يكون هذا الشخص مفكرا سياسيا أو شخصية دولية أو مختصا فى شئون الحروب أو العلاقات الدولية، إلا أن اختيار أينشتاين وقع على سيجموند فرويد (1856- 1939) عالم النفس المشهور والذى انتهى قبل سنوات قليلة من دعوة أينشتاين من تأليف كتابه (الحضارة وإحباطاتها" وهو الكتاب الذى شرح فيه نظريته حول الالتزام بين الغريزتين الأساسيتين لدى الإنسان: العريزة الجنسية، والغريزة العدوانية، غريزة البقاء، وغريزة الموت والتدمير.
لم يكن اختيار موضوع المناظرة عسيرا، فأينشتاين كان يرى أن الحروب هى المشكلة الخطيرة التى يتحتم على البشرية مواجهتها، وإلا فإنها يمكن أن تهدد وجودها فى الصميم بحكم التقدم الكبير فى الأسلحة المدمرة.
لقد قرأ أينشتاين كتاب فرويد بدليل أنه يعبر فى رسالته إلى فرويد عن إعحابه بفكر فرويد وبالفكرة الأساسية التى تمثل صلب الكتاب.
كتب أينشتاين إلى فرويد فى عام 1932، العزيز السيد فرويد، "إننى سعيد بحصولى من عصبة الأمم ومعهدها العالمى للتعاون الفكرى بباريس، على إمكانية فريدة لتبادل فكرى حر مع شخص من اختيارى حول موضوع من اختيارى كذلك وأود المناقشة معكم حول الإشكالية التى يظهر لى بأنها أهم إشكالية حضارية، نظرا لوضع الأمور حاليا: هل هناك طريق يمكنه تحرير البشر من هول الحرب؟
إن وجهة النظر القائلة بأن هذه الإشكالية قد أصبحت إشكالية وجودية بالنسبة للإنسانية المتحضرة بسبب التقدم التقنى قد ُفرضت عموما، وعلى الرغم من ذلك فإن المحاولات الجادة لحلها لم تنجح لحد الساعة. أعتقد بأن للناس الذين يهتمون بهذا الإشكال مهنيا وتطبيقيا، وبسبب الشعور بعدم القدرة، رغبة ملحة ليطلبوا من أشخاص التعبير عن وجهات نظرهم حول الموضوع، ويتعلق الأمر بأشخاص يتمتعون بمسافة كبيرة، نظرا لانشغالاتهم العلمية، اتجاه كل إشكاليات الحياة. فيما يتعلق بي، وبما أن التوجه المعتاد لفكرى يمكننى من إلقاء نظرة على عمق الإرادة والمشاعر الإنسانيين، فإن ما يمكننى القيام به فى تبادل أفكارنا هذا هو فقط محاولة عرض إشكالية وإعطائكم الفرصة لإضاءة الموضوع من زاوية معرفتكم العميقة بالغرائز الإنسانية.