عاشت مصر مرحلة صعبة بعد خروج الحملة الفرنسية منها عام 1801 وحتى تولى محمد على باشا الحكم فى عام 1805، حتى أنه تعاقب على حكم البلاد فى تلك الفترة 5 ولاة، هم على الترتيب خسرو باشا (خُلع) وطاهر باشا (قُتل) وأحمد باشا (طُرِد) وعلى باشا الجزايرلى (قُتل) وخورشيد باشا (خُلع).. واليوم سوف نتوقف مع الألبانى طاهر باشا.
فى كتاب الاتجاه السياسى لمصر فى عهد محمد على لـ هنرى دودويل يقول :
"كان على رأس الفصيلة الألبانية طاهر باشا الذى كان ما أصابه فى بلاده من النجاح وما اشتهر به من الوحشية فى قيادة إحدى عصابات قطاع الطريق سببا فى مكافأته بالالتحاق بجيش السلطان، ولقد أبدى طاهر فى مصر الشيء الكثير من الشجاعة وسعة الحيلة، ولكنه لم يكافأ المكافأة التى وعد بها. ثم أن أنصاره كانوا فى شدة التذمر بسبب عدم دفع مرتباتهم ، وكانت النتيجة أنهم أثاروا فتنة فى القاهرة فى شهر مايو سنة 1803، وهى حادث مألوف كان يقع يوميا فى الجيش العثمانى. ولما عرض طاهر باشا وساطته على خسرو رفضها هذا، فلم يكن من طاهر إلا أن ذهب فى اليوم التالى على رأس الفصيلة الألبانية فهاجم القلعة واحتلها، وإذ ذاك فر حسروا إلى دمياط، وارتقى طاهر منصة الحكم، ولما لم تكن الجنود العثمانية قد شدت أزلا طاهر فى هذه الحرركة، فإنه أهاب بالمماليك أن يتقدموا لتأييده، ولم يترتب على مصرعه أى تغيير فى الموقف المباشر ، لأن محمد على سرعان متا حل محله.
وفى كتاب "الجالية المخفية .. فصول من تاريخ الألبان فى مصر" لـ محمد م. الأرناؤط والصادر عن دار الشروق "وقد جاءت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت فى عام 1798 وما أدت إليه لتكشف عن تزايد وجود ودور الألبان فى مصر. فقد كانت انجلترا وروسيا تعملان مع استانبول لأجل إرساء حلف انجليزى – عثمانى روسى ضد فرنسا ولإخراج الفرنسيين من مصر.
وهكذا تضمن الحلف الإنجليزى – العثمانى، الذى وقع فى يناير 1799 تعهد الجانب العثمانى بحشد مائة ألف مقاتل ودفع الأسطول العثماني بكامله لأجل محاربة الفرنسيين فى مصر. وقد عمدت استانبول، كالعادة فى مثل هذه الأحوال، إلى إبلاغ الزعماء المحليين الألبانيين بتجنيد ما لديهم من رجال للذهاب إلى مصر. وهكذا فقد انطلق إلى مصر آلاف المقاتلين الألبانيين خلال 1799- 1800 بقيادة زعمائهم المحليين من أمثال طاهر باشا ويوسف بك وطالب بك وعمر بك فريوني ومحرم بك ورجب أغا شكودراني وغيرهم وأدى هذا التدفقالمتواصل للمقاتلين الألبانيين إلى تضخم عددهم، مع من كان قد سبقهم، حتى إنه وصل إلى حوالى عشرة آف. وفى الواقع لقد كان هؤلاء يشكلون مجموعة متماسكة ترتبط بزعيم واحد، ولذلك فقد كان لهم دور مهم فى الصراع على السلطة بعد إخراج الفرنسيين، وبالتحديد خلال 1801 -1803 ، وهكذا فقد تمكن زعيمهم الأول طاهر باشا من السيطرة على الوضع بعد طرد الوالى محمد خسرو باشا فى مطلع 1803، حيث قام حينئذ قاضى البلد والأعيان بانتخابه قائمقاما، أي نائبا للوالى إلى أن يأتي فرمان سلطاني بتثبيته أو تعيين وال آخر. إلا أن طاهر باشا لم يتمتع بالسلطة سوى ثلاثة أسابيع تقريبا".
يذكر أن خورشيد باشا الذى تولى حكم مصر أيضا قبل محمد على باشا كان ابن طاهر باشا.