أكد وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين أن هناك دعما مستمرا بين بلاده والقاهرة، لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات الثقافية، من خلال الاتصالات الدائمة والتعاون المستمر مع وزيرة الثقافة.
وقال- في تصريحات صحفية اليوم الخميس - إن هناك مشاركات مستمرة للفرق المصرية في المناسبات والمهرجانات بتونس، مؤكدا حرص بلاده على الحضور والمشاركة في العديد من المناسبات الثقافية والفنية التي تقام بمصر.
وحول الاستراتيجية الخاصة بوزارة الثقافة التونسية في الوقت الحالي، قال العابدين "إنه خلال السنوات الأخيرة تغيرت ثقافة تونس، حيث أصبحت ثقافة المبادرة، وتشمل ثقافة العمل، ثقافة الجمعيات، ثقافة المثقفين، ثقافة المواطن بصفة عامة.. مشيرا إلى أن هناك صحوة حقيقية في العديد من المجالات الثقافية خاصة في مجال السينما".
وأضاف "أن النظرة في بلاده إلى الثقافة قد تغيرت وصار هناك حديث عن الحق في الثقافة والديمقراطية الثقافية وحقوق المبدع والمتلقي"، لافتا إلى أن بلاده تعتمد على الدبلوماسية الثقافية والشراكات الثنائية مع كثير من البلدان، لنشر وترويج الإنتاج الثقافي التونسي الجيد في الخارج.
وأشار إلى أن وزارته خصصت ميزانية للتشجيع على الإبداع ودعم حركة التأليف والنشر وصناديق لتنفيذ مدن الفنون ومدن الحضارات ومدن الآداب والكتاب، وقد تم إحداث مكتبة سينمائية ومتحف الفنون المعاصرة ومسرح أوبرا تونس والمركز الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي وقصر الآداب والفنون وتم تحويل القصور الرئاسية القديمة إلى مراكز للآداب والفنون والإبداع لاستغلالها فيما ينفع المثقفين وعموم المواطنين، كما تم إحداث أيام قرطاج (الشعرية) وأيام قرطاج (للفن المعاصر) وأيام قرطاج (للكوريغرافيا) وأيام قرطاج (للإبداع المهجري).
وأكد "العابدين"، أن الثقافة هي المحور الذي تدور حوله كل مؤشرات التنمية الثقافية، لذلك تقوم إستراتيجية عمل الوزارة على إبراز أهمية الجهات ومخزونها الإبداعي، انطلاقا من مصطلح المدينة وما يجسده من مفهوم الديمقراطية والحرية وإتاحة الفرصة للمواطن ليبدع ويطوّر محيطه.. لافتا إلى أهمية إستراتيجية عمل الوزارة وما تقوم عليه من برامج متنوعة كبرنامج عمل مدن الفنون ومدن الحضارات والبرامج الثقافية الخصوصية كموسم الثقافة الحدودية والثقافة بين الجنوب والصحراء ودورها في إشراك المواطن في الفعل الثقافي.
وأوضح أهمية برامج القيادة والمساندة والاقتصاد الثقافي التضامني والتراث والموروث والحضارة كمفردات أساسية لتنمية الإنسان وحسن استثمارها للتنمية الثقافية، مشيرا إلى تطور مؤشرات الدعم العمومي للجمعيات الثقافية وللفعل الثقافي في تونس باعتبار أن الثقافة تقوم على التعددية، كتطوّر الأنشطة الثقافية من 27 ألف نشاط سنة 2016 إلى 117 ألف سنة 2018 وما يكشفه من صحوة ثقافية كبيرة.
وفيما يتعلق بتهيئة وترميم أهم الآثار الموجودة في تونس، قال العابدين "إن الوزارة بالتنسيق مع المعهد الوطني للتراث بدأت منذ شهرين في ترميم عدد من المعالم الأثرية بمدينة القيروان وإعادة تهيئتها لضمان تحقيق التوازن الأمثل بين حماية الموروث والمحافظة عليه من جهة وتنميته من جهة أخرى، كما تم تهيئة وترميم قصر برج (البكوش) الأثري بـ(أريانة) وكذلك الانطلاق في إجراءات تسجيل قصور (تطاوين) في التراث العالمي لليونسكو، كما تم بصفة رسمية في شهر يوليو الماضي القبول النهائي لملف ترميم وحماية الموقع الأثري بالجمّ من طرف صندوق سفراء الولايات المتحدة الأمريكية، لتعزيز قابلية الموقع لاستقبال السياح ورواد الموقع المصنف في قائمة التراث العالمي، وهناك أيضا ملفّ ترشيح تسجيل جربة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ولفت العابدين إلى ملامح خطة تأهيل المؤسسات الثقافية العمومية والتي تتضمن دعم المشاريع والبرامج الثقافية والتعهد والصيانة الذي يشمل التدخلات العاجلة وتجميل الواجهات، مشيرا إلى أنه بعد زيارات ميدانية تم اختيار 300 مؤسسة ثقافية، 100 دار ثقافة و200 مكتبة عمومية وقد انطلقت الأعمال في شهر مايو الماضي، وتتواصل حتى سبتمبر لتغطي كل ولايات الجمهورية.
وحول أهم التحديات التي تواجه العمل الثقافي العربي، أكد ضرورة إعادة النظر في السياسات الثقافية العربية لتؤسس لتنمية إنسانية بأبعادها التأسيسية التي تعطي للفرد مكانته ضمن محيطه، معتبرا أن المجتمعات لا تبرز بقدرتها على التنمية الاقتصادية والتكنولوجية فقط بل بالتنمية الثقافية.
كما أكد وزير الثقافة التونسي أهمية تخصيص وزارات مختصة في قضايا التراث والحفاظ عليه، ولا يمكن الاقتصار على إلحاقها بوزارات الثقافة لما يتطلبه هذا القطاع من جهود كبيرة وخاصة في المحافظة على تاريخ الإنسان وهويته المادية وغير المادية.
وأوضح الوزير أن تطور الشعوب لا يمكن أن يقتصر على تنمية المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فقط، بل لا بد من إعطاء قطاع الثقافة ميزاته وحيّزه المناسب للارتقاء بالمواطن وفتح المجال أمامه لإبراز قدرته على التعبير والإبداع والخيال وصنع الجمال والمساهمة في ثقافة الحياة.
وفيما يتعلق بالمهرجانات الفنية والدعم المقدم لها، أشار إلى أن عام 2019 شهد إضافة 110 مهرجانات جديدة وبالتالي أصبح لدينا 366 مهرجانا في كامل الجمهورية وخصصنا ميزانية بـ 15 مليون دينار، لدعم المهرجانات الصيفية.
يذكر أن الدكتور محمد زين العابدين وزير الثقافة التونسي قد حصل أمس على "جائزة البحر الأبيض المتوسط للثقافة 2018" ، وسبق أن نال هذه الجائزة العديد من الشخصيات الاعتبارية على غرار الأديب المصري نجيب محفوظ والأديب اللبناني أمين معلوف ، والكاتب العراقي جبار ياسين حسين والكاتب المغربي طاهر بن جلون والجزائري كمال داود.