أحن إلى خبز أمى، و قهوة أمى، و لمسة أمى، و تكبر فى الطفولة، يوما على صدر يوم، وأعشق عمرى لأنى إذا مت،أخجل من دمع أمى!" لعل الكلمات السابقة من أشهر الجمل الشعرية التى كتبت عن الأم، وأحد أشهر عبارات شاعر الأرض المحتلة الكبير محمود درويش.
وتمر اليوم الذكرى الحادية عشر، على رحيل الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش، إذ رحل عن عالمنا فى 9 أغسطس من عام 2008، عن عمر ناهز حينها 67 عاما.
كان محمود درويش، كإنسان وشاعر، على علاقة خاصة بأمه، فهي كانت تمثل له صورة الأم الفلسطينية التي أمضت حياتها تنتظر عودة الابن، وقد كتب عنها مرات لا سيما بعدما عاد من منفاه الطويل إلى فلسطين ليلتقي بها وقد تقدمت في العمر، ولم يكن مستغرباً أن تتحد صورة الأم في صورة الأرض لتصبح الأم رمزاً للانسانية.
وبحسب كتاب " محمود درويش - شاعر الأرض المحتلة - جزء - 92 سلسلة أعلام الأدباء والشعراء" للكاتب حيدر توفيق بيضون، حيث قال محمود درويش حول علاقته بأمه: "علاقتى بأمه فى الطفولة كانت ملتبسة، كانت عندى عقدة أن أمى تكرهنى لأنها كانت دائما تعاقبنى وتعتبرنى المسئول عن أى شغب فى البيت أو فى الحارة، وكانت تقول لى : (يا حلس يا ملس).
وبقيت هذه العقدة مع محمود درويش إلى سجن لأول مرة حيث كان عمره 14 سنة، ومن هنا تغيرت طبيعة فهمه ونظرته للأمور وصار يفهم سبب العقوبة، وربما كان ذلك السبب الذى أصبح شاعر الأرض المحتلة من خلاله الابن المدلل فجاءة عند أمه، خاصة أنه الابن البعيد المطارد.
وفى أوصاف أمه وفقا للكتاب سالف الذكر أيضا، قال درويش: "كانت جميلة، وشعرها أحمر طويل يعطيها كلها، وعيناها زرقاوان لكنها قاسية لا تعبر عن عواطفها إلا فى الجنازات، وأنا لم أرى أمى فى أى عرس، كانت تذهب إلى الجنازات، وفوجئت مرة أنها تنشد الأغانى الشعبية واكتشفت أيضا أنها تؤلف بكائيات.
الأم حورية، التي كان يخجل ابنها الشاعر محمود درويش من «دمعها» كما كتب في قصيدته الشهيرة «إلى أمي»، غيبها الموت فى ليل الجمعة 14 فبراير 2009، عن 96 عاماً، وكان الأم المناضلة رحلت وفي قلبها غصة الأم التي دفنت ابنها الأحب ولم يكن مضى على رحيله سوى ثمانية أشهر.
وكانت على فراش المرض حين وافاها النبأ الأليم، فحملت على كرسي لتشارك في جنازته المهيبة في رام الله، وتلقي عليه نظرة الوداع.