تعد شخصية الخليفة العباسى هارون الرشيد، أحد أكثر الشخصية الإسلامية إثارة للجدل، فذكر الكثير عن تناقضاتها وغرابة أطوارها، قالوا إنه كان عصبي المزاج، سريع الإنفعال، حاد العاطفة، قوى الاندفاع، بينما تحدث آخرون عن عواطفه الدينية وأوتاره الروحية.
وذكر عن طقوس الخليفة العباسى الراحل العديد من الأقاويل، أنه كان يحج عاما ويغزو عاما، وأقاويل أخرى عن أن حج ماشيا على قدميه.
وبحسب كتاب محمد إسماعيل المقدم "منكرات التمثيل"، فإن الأقاويل مختلفة ظهرت متناقضة عن فترة الحكمين الأموى والعباسى، فيظهر فى بعضها هارون الرشيد على أنه إنسان ما له شغل غير معاقرة الخمور ومجالسة الندامى والجوارى، فى حين ذكر آخرون من بينهم ابن خلدون أن هارون الرشيد مظلوم، فكان الخليفة العباسى الراحل يحج سنة ويغزو سنة، وكان على قدر من الصلاح والتقوى والورع والجهاد.
فيما يذكر ابن الجوزى فى كتابه "سلوة الأحزان بما روى عن ذوى العرفان ويليه كتاب المجالس المنسوب" أن الرشيد كان يلقب بجبار بنى العباس، فكان حازما متواضعا، يحج سنة ويغزو سنة، لم ير خليفة أجود منه، ولم يجتمع على باب خليفة ما اجتمع عليه.
ووفقا لكتاب " معابر الحضارة الإسلامية إلى أوروبا" للدكتور محمد فاروق الإمام، كان هارون الرشيد كثير العبادة وظل هكذا طيلة مدة خلافته إلا بعض السنين، وحج مرة ماشيا ولم يحج غيره ماشيا من الخلفاء على حد وصف المؤلف.
ويوضح كتاب " هارون الرشيد الخليفة المظلوم" للشيخ أحمد القطان والباحث محمد طاهر زين، أن ورع الخليفة العباسى بلغ قمته حين حج ماشيا، وذلك بعدم رأى منام طلب منه فيه النبى محمد (ص) أن يحج ماشيا، وأن يغزو، وقد غزا كثيرا، وحج ماشيا لذلك فقد روى فى موسوعة النجوم الزاهرة، لابن تغر بردى: حج الرشيد ماشيا، كان يمشى البلود، كانت تبسط له من منزلة إلى منزلة، وسبب حجه ماشيا أنه رأى الرسول فى المنام، فقال له: "يا هارون، أن هذا الأمر صائر إليك، فحج ماشيا وأغز، ووسع على أهل الحرمين"، فأنفق هارون فيهم أموالا عظيمة.
وجاء فى كتاب " اكتشف الفن الإسلامي في حوض المتوسط" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، أن هارون الرشيد حج إلى مكة تسع مرات خلال فترة حكمة التى استمرت لأكثر من 23 سنة، وهو ما يتفق مع ما ذكره الدكتور سعيد إسماعيل صالح فى كتابه " منهج الأبحاث التاريخية (في خطوات تطبيقية)" أن هارون الرشيد قاد مراسم الحج وهو خليفة 8 مرات وقيل تسع، رغم مشقة السفر من مكان خلافته فى بغداد إلى مكة فى ذلك الوقت، وكان حريص أيضا غزو الروم، وأعداء الإسلام.