من الروايات التى صدرت عن منشورات المتوسط - إيطاليا، رواية "قلب أبيض جدّا" للكاتب والروائى الإسبانى "خابيير ماريّاس" وترجمة على إبراهيم الأشقر.
والرواية تُفتَتح بحادثةِ انتحارٍ يسردُها ماريّاس بطريقةٍ تكشفُ براعتَه فى وصفِ التفاصيل والأحاسيس الغامضة. بدايةٌ صادمة، استعادية، لتاريخ عائلةٍ يُشكِّل فيه الأبُ محورَ علاقات مضطربة ومبهمة، تنعكسُ على تصورات الابن وأفكاره الغارقة فى التشاؤم عن الزمن الآتى، وما يُخفيه الغدُ بوصفه، هنا، بوابة للجحيم.
مُنذ السطور الأولى يُدخلنا ماريّاس فى جو ميلودرامى صادم، من خلال حادثة انتحارِ خالة بطل الرواية خوان، وزوجة أبيه فى الوقت ذاتِه، فى حمَّام المنزل أثناء مأدبة غداء عائلية مباشرةً بعد عودتها من شهر العسل. الحادثة التى وقعت قبل ميلاد خوان، تعودُ لتُلقى بظلالها على حياته، هو المتزوِّج حديثاً بلويسا الجميلة، والتى تشتغل فى مجال الترجمة مثله.
من أجواء الرواية الكتاب:
لم أشأ أن أعرف، لكنّى عرفتُ أن إحدى الفتاتَيْن التى لم تعد فتاة، والتى كانت رجعت من رحلة العرس منذ فترة ليست بعيدة، دخلتْ حجرة الحمّام، وفتحتْ بلوزتها، وخلعت حاملة الثديَيْن، وبحثتْ عن موضع القلب بطرف مسدّس أبيها الذى كان فى غرفة الطعام مع قسم من العائلة وثلاثة مَدعوّين. لَمّا سُمع دوى الطلقة بعد خمس دقائق من ترك الفتاة المائدة، لم ينهض الأب فوراً، بل ظلّ مدّة ثوان معدودات مشلول الحركة، وفمه ملآن من غير أن يجرؤ على مضغ اللقمة، ولا ابتلاعها، حتّى ولا إعادتها إلى الصحن؛ ولمّا نهض أخيراً وهُرع إلى حجرة الحمّام، واكتشف جسد ابنته، رآه مَنْ تبعه كيف كان يمسك رأسه بيَدَيْه، ويلوج لقمة اللحم من هذا الجانب إلى ذاك الجانب من الفم من غير أن يعرف ماذا يفعل بها.
وخابيير ماريّاس روائى وقاصّ وكاتب إسباني، وُلد فى مدريد عام 1951، ومن مؤلّفاته الروائية: ممالك، والذئاب، وملك الزمان، والقرن، والإنسان العاطفى (نال عنها جائزة الرواية عام 1986)، كل الأرواح (جائزة مدينة برشلونة)، وقلب أبيض جدّاً (جائزة النقد) (صدرت عن المتوسط أيضاً)، و"فكِّرْ فى غداً، أثناء المعركة" التى حصدتْ خمس جوائز خلال عام ونصف العام بعد نشرها، وطُبعت خمس طبعات فى السنة الأولى بين أبريل وسبتمبر عام 1994