تقول إحدى الحكم البليغة " إن الفشل ينبغى أن يكون معلما لنا وليس مقبرة لطموحاتنا وتطلعاتنا"، بهذا الاعتبار أخذت تلك الحكمة من الفشل ذريع لتحقيق المساعى، حتى وأن كان هناك ما يعارض طموحاتنا ويحبطنا، لكن المهم ألا نستسلم لهذا الفشل.
العديد من الأدباء والفنانين، مما أثرت أعمالهم الإبداعية فى الأجيال المختلفة، تعرضوا فى بداياتهم للفشل والرفض والطرد أحيانا، لكن هذا لم يجعلهم ييأثوا من استكمال طموحاتهم والوصول لأحلامهم، ومن أبرز هؤلاء:
الفنان الفرنسى الشهير فرانسوا رودان لم يتم قبوله مطلقًا في كلية الفنون في باريس، إلا أنه لم ييأس وتمرد على القيود التى أمامه، بل وتمرد على التقاليد الفنية، واتبع منهجًا يشبه الحرفي في عمله.
ولولا صداقته بالكاتب الروائي الفرنسي «غوتييه» وحبه للفن بشكل فطري حيث نحت لوالده عام 1860 تمثالا انطباعيا أعجب به الكاتب الذي أحس بأعماق النحات، لما عادت الثقة للنحات الفرنسى الشهير بعد أن رفضته كلية الفنون الجميلة ثلاث مرات متتالية كطالب في الكلية، واستطاع بعدها أن يغزوه سوق العمل التشكيلى، ومازالت تكتسب إعجاب النقاد ورواد المتاحف الفنية وجمهور الصفوة من محبي الفنون الجميلة.
ويوضح كتاب "رشفات من النهر" للكاتب أحمد رجب شلتوت، أن العديد من الأعمال الإبداعية رفضت من قبل ناشرين ولكنها بعد نشرها حققت نجاحات كبيرة وأصبحت من كلاسيكيات الأدب، ومنها ما حدث ما مارسيل بروست، عندما أرسل الجزء الأول من روايته "البحث عن الزمن الضائع" إلى دار الرواية الفرنسية للنشر التى كان يرأس تحريرها أندريه جيد، رفض نشر الرواية بحجة أنها "عمل ردئ ومفكك"، وهو القرار الذى ندم عليه فيما بعد "أندريه جيد" بحسب زعم الكتاب.
نفس الشىء حدث مع الأديب جيمس جويس، حيث تعرضت روايته "عوليس" للرفض أكثر من مرة من قبل ناشرين أمريكيين، كذلك رواية "الحارس فى حقل الشوفان" للكاتب جى دى سالنجر، حيث عانت من رفض دور النشر المختلفة، قبل أن تنشر وتحقق نجاحات كبيرة إلى الآن، كما رفض الناشرون بإصرار نشر الروايات الأربعة الأولى لبرنارد شو، بل أن إحدى دور النشر خاطبته قائلة: "لا تعاود إرسال أية مخطوطات لنا".
كذلك رفض ت.إس. إليوت، حينما كان محررا فى دار نشر "فابر وفابر" نشر رائعة جورج أورويل الخالدة، رواية "مزرعة الحيوان" لأنها من وجهة نظره "غير مقنعة" وتكرر رفضها من أربعة ناشرين آخرين، جميعهم سخروا من العمل الأدبى.
ويوضح كتاب "صفعة الزمان وإبداع الفنان: صور مأساوية من حياة خمسين فنانا" أن الفنان التشكيلى العالمى بول سيزان، الذى يوصف باعتبره أبا الفن الحديث، كما أطلق عليه إمام الفن الحديث ذلك لأنه فتح الطريق تم رفضته أكثر من 3 مرات من أكاديمية الفنون وصلت إحداها إلى الطرد، كما رف ض معرض الصالون الفنى بباريس مشاركته سنة 1863م، وقد استمر رفض صالون باريس الرسمى لأعمال سيزان لسنوات طويلة.