تمر اليوم ذكرى انتصار جيش المسلمين بقيادة خالد ابن الوليد على جيش الروم في موقعة اليرموك، وذلك فى سنة 15 هجرية، وهو ما يعد هزيمة نكراء للروم وقائدهم "هرقل".
ولقب "هرقل" يطلق على سلالة من الملوك الذين حكموا الإمبراطورية البيزنطية فى فترة من الفترات، ولعل أشهر من سمى بهذا الاسم الإمبراطور الذى حكم فى الفترة منذ سنة ستمائة وثمانية للميلاد، حيث تزامن ظهوره مع مسيرة الدعوة الإسلامية فى الجزيرة العربية.
اسمه "أفلافيوس أغسطس هرقل" ولد فى سنة 575 للميلاد، وقد كان أبوه هرقل الأكبر أول من أسس السلالة الهيرقلية، حيث كان له نفوذ وسلطان عند الإمبراطور البيزنطى موريوس الذى عينه نائباً له على مملكته فى شمال إفريقيا، وقضى الهرقل الابن معظم حياته قبل أن ينتقل لاحقاً إلى قلب الإمبراطورية ليكون إمبراطورها الجديد الذى يعيد إليها المجد بعد الانكسار.
ووصل "هرقل" إلى السلطة فى بدايات القرن السادس للميلاد، حيث كانت المواجهات والمعارك على أشدها بين الدولة البيزنطية والدولة الفارسية الساسانية، وبعد أن هزم الروم من قبل الفرس، جاء هرقل ليعرض على الفرس هدنة يقومون بموجبها بدفع جزية كبيرة لدولة الفرس مقابل وضع القتال، وفى هذه الفترة عمل هرقل على إعادة تنظيم الجيش وتعبئة الناس، كما نظم موارد الإمبراطورية لتعود إليها قوتها من جديد، حيث هاجم هرقل بجيشه الفرس فى الشام فاسترد معظم أراضيها، كما تمكن من الوصول بجيشه إلى تبريز عاصمة الساسانيين وهزيمتهم فى عقر دارهم، وقد كانت هزيمة الفرس وانتصار الروم فى سنة 629 ميلادى، حيث فرح المسلمون بهذا النصر؛ لأن الروم هم أهل كتاب.
وبعد تمكن الدعوة الإسلامية حرص النبى عليه الصلاة والسلام على بعث الرسائل إلى كسرى وهرقل وغيرهما ليعرض عليهم الإسلام، وقد بعث برسالة إلى هرقل يطلب فيه منها أن يسلم حتى يسلم، ويأتيه الله أجره مرتين، وعندما وصل كتاب رسول الله إلى هرقل قرأه وهو مقيم فى بيت المقدس، وقد كان عنده أبو سفيان بن حرب حيث طلبه هرقل ليسأله عن النبى الذى بعث فيهم، تشير الروايات التاريخية إلى أن هرقل كاد أن يسلم ويؤمن بدعوة الإسلام لولا خوفه من قساوسته، ومن حوله الذين كانوا يكرهون العرب كرهاً شديداً، وقد توفى هرقل فى سنة 641 ميلادى بعد أن شهد هزيمة الروم فى اليرموك ورحيلهم عنها سنة 636 ميلادى.