يبدو أن المؤامرت ليست وحدها التى كانت تنهى أيام حكم آل عثمان على عرش دولتهم، حيث كان الجنون والخلل العقلى مصير عدد من هؤلاء السلاطين، ليتم عزلهم من خلافة عرش عثمان الغازى المؤسس الأول للدولة العثمانية.
عدد من السلاطين أصيبوا بالجنون أو اتهموا بالخلل العقلى، البعض قام بأفعال "مجنونة" كانت سببا فى نعته بالجنون، وآخرون تعرضوا للمؤامرة من أجل عزلهم من الحكم، فلم يكن هناك سبيل للوصول إلى الحكم سوى التوريث ويتطلب القوة ومواجهة أطماع رجال الدولة فى السلطة بحزم، أو القتل وربما المؤامرة للوصول إلى العرش.
مراد الخامس
ومن هؤلاء كان السلطان العثمانى مراد الخامس، الذى تحل اليوم ذكرى عزله فى 31 أغسطس من عام 1876، حينما تم خلعه بعد اتهامه بالخلل العقلى، وتنصيب عبد الحميد بن عبد المجيد الأول خلفًا له تحت اسم السلطان عبد الحميد الثانى.
وبحسب كتاب "العثمنة الجديدة: القطيعة فى التاريخ الموازى بين العرب والأتراك" من تأليف سيار الجميل، فإن السلطان مراد الخامس خلع عن الحكم بحجة أنه مختل عقليا، لكن ثبت العكس تماما بدليل حياته الطبيعية التى كرسها مع زوجاته لدى احتدام الحياة السياسة التى تفاقم أمرها على يد شقيقه السلطان عبد الحميد الذى اعتلى العرش فى 31 أغسطس، يوم عزل أخيه، إخفاق الدستور أول مرة على يده، ومرت الدولة فى مخاض تاريخى صعب، خصوصا بعد دخولها حروبا كارثية مع روسيا القيصرية التى كان يحكمها إلكسندر الثانى.
السلطان عبد العزيز الأول
الخليفة العثمانى الثانى والثلاثين، مكث في السلطة خمسة عشر عامًا حتى خلعه وزراؤه وسائر رجال الدولة في آخر مايو 1876، حيث تآمر محمد رشدي باشا الصدر الأعظم، وحسين عوني باشا ناظر الحربية، وأحمد باشا قيصرلي ناظر البحرية، وأحمد مدحت باشا، وشيخ الاسلام حسن خير الله أفندي الذي أصدر فتوى بوجوب عزل السلطان، وهي فتوى طالما تكررت وهذا نصها: إذا كان زيد الذي هو أمير المؤمنين مختل الشعور، وليس له إلمام بالأمور السياسية، وما برح ينفق الأموال الميرية في مصارفه الشخصية بدرجة لا طاقة للملك والملة على تحملها، وقد أخل بالأمور الدينية والدنيوية وشوشها، وخرب الملك والملة، وكان بقاؤه مضراً بها، فهل يصح خلعه؟ الجواب: يصح. كتبه الفقير حسن خير الله، عفى عنه.
وتولى من بعده السلطان مراد الخامس (سالف الذكر) لكم لم تدم أيام السلطان مراد طويلاً، فقد جرى عزله بعد ثلاثة أشهر بسبب اختلاله العقلي، وجرى تعيين أخيه السلطان عبد الحميد الثاني،
السلطان مصطفى الأول
هو السلطان "المجنون"، توفى عام 1639، بسبب مرض الصرع، وبحسب كتاب "الجهاد ضد الجهاد" هو السلطان السلطان الخامس عشر ضمن سلسلة سلاطين الدولة العثمانية وهو بن السلطان محمد الثالث.
تولى السلطان "المختل" أو "المجنون" كما أطلق عليه، الخلافة عام 1617م، وبدأ بقتل إخوته أو حبسهم كعادة السلاطين العثمانيين، وفى عام 1618، قام ابن أخيه السلطان عثمان الثانى بعزله، فقام "الإنكشارية" عام 1622 بقتل السلطان عثمان الثانى وإعادة الخليفة مصطفى الأولى، إلى أن قام السلطان مراد الرابع بعزله بدعوى أنه مختل، وفضى حياته الباقية بتهمة الجنون.
السلطان إبراهيم الأول
ويعتبر السلطان إبراهيم الأول، أحد أشهر السلاطين العثمانيين الذين اتهموا بالجنون، فقد أطلق سراحه من "الكافيس" السجن الخاص للورثة المحتملين للعرش، شهدت فترة حكم السلطان إبراهيم الأول خيبة أمل للدولة العثمانية فى عام 1640، فتسبب في انهيار الإمبراطورية في فترة قصيرة جدا من الزمن، وكان لديه هاجس مع النساء البدناء، وبلغ عدد نساء قصره أكثر من 280 ليلقب بمجنون الدولة العثمانية.
وبحسب كتاب "الحكّامُ الأكثَرُ خَبَلاً في التَاريخ" تأليف مايكل رانك، فإن السلطان أحمد الأول، والد إبراهيم، كان له شقيق معاق عقليا، وولد إبراهيم فى وضع مماثل وفضى سنوات طفوله فى زنزانة فترة حكم أخيه السلطان مراد الرابع، وكان إبراهيم ممسوسا بالجنون، وبما أنه لم يشكل تهديدا لحظوظ أخيه فى السلطنة، فقد أبقى عليه حياته فيما قتل غالبية إخوته، وفى آخر أيام مراد، كان يفكر فى قتل أخاه إبراهيم، ولم يكن غيره فى السلالة ليجلس على العرش، حيث فضل مراد أن ينتهى عرش العائلة على أن يصبج المجنون سلطانا، رغم ذلك، لم ينفذ ذلك الأمر، وأرتقى إبراهيم لعرش الإمبرطورية.
وبعد فترة من حكمه، ارتأى القادة العسكريون أن عليهم خلع السلطان المختل، فاتجهوا إلى شيخ الإسلام (أعلى لطة دينية وقانونية فى الإمبرطورية) وطلبوا منه أن يفتى فى مشروعية خلعه، فأصدر فتوى تجيز ذلك، فتم خلع إبراهيم الأول وأعيد إلى القفص، وبعد أسبوع مرد عليه الجلادون وقتلوه فى الققص.