ساعد اختراع المطبعة فى القرن الخامس عشر، على تبادل المعرفة بسرعة أكبر وعلى نطاق واسع من أى وقت مضى، وذلك بعدما اخترعها الألمانى يوهان جوتنبرج 1436 ميلادية، حيث إنه قام بتطوير قوالب الحروف التى توضع بجوار بعضها البعض ثم يوضع فوقها الورق قبل أن يضغط عليها.
ومع المطبعة تداولت الأفكار الثورية والمعرفية القديمة التى لا تقدر بثمن بين أيدى كل أوروبى متعلم، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع history.
وفيما يلى بعض الطرق التى ساعدت بها المطبعة فى إخراج أوروبا من العصور المظلمة وعجلت من التقدم البشرى.
إطلاق شبكة أخبار عالمية
لم يعيش جوتنبرج لمعرفة التأثير الهائل لاختراعه، كانت أعظم إنجازاته هى النسخة المطبوعة الأولى للكتاب المقدس باللغة اللاتينية، والتى استغرقت ثلاث سنوات لطباعة حوالى 200 نسخة وهو إنجاز سريع، ويوضح المؤرخ " آدا بالمر" أستاذ التاريخ فى جامعة شيكاجو، أن اختراع جوتنبرج لم يكن مربحًا لأنه لم تكن هناك شبكة توزيع للكتب.
ويقول "بالمر" إن جوتنبرج توفى مفلساً، لكن المطبعة ذهبت إلى مدينة البندقية التى كانت مركز للشحن الرئيسى للبحر الأبيض المتوسط فى آواخر القرن الخامس عشر، ويشير "بالمر"، إلى أنه إذا قام بطباعة 200 نسخة للكتاب المقدس فى البندقية لبيع خمس لكل قبطان سفينة يغادر الميناء ومن هنا نشأت أول آليه للتوزيع الشامل للكتب المطبوعة.
وبالفعل غادرت السفن "فينسيا" وهى تحمل نصوصا أدبية ودينية، وكثير من الأخبار العاجلة من مختلف أنحاء العالم، وباعت الطابعات فى فينسيا منشورات إخبارية من أربع صفحات للبحارة وعندما وصلت سفن إلى موانئ بعيدة، كانت الطابعات المحلية تنسخ المنشورات وتسلمها للفرسان فى عشرات المدن، ونظراً لأن معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة كانت لاتزال منخفضة للغاية فى التسعينيات من القرن التاسع عشر، كان السكان المحليون يجتمعون فى الحانة لسماع قارئ يقرأ آخر الأخبار والتى كانت تكتب العديد من الفضائح وتقارير الحرب.
عصر النهضة
بدأ عصر النهضة الإيطالية منذ قرن من الزمن قبل أن يخترع جوتنبرج مطابعه عندما انطلق الزعماء السياسيون فى القرن الرابع عشر فى دول المدن الإيطالية مثل روما وفلورنسا لإحياء النظام التعليمى الرومانى القديم الذى أنتج عمالقة مثل قيصر وسينيكا.
كان أحد أهم مشاريع عصر النهضة المبكر هو العثور على أعمال ضائعة منذ زمن لشخصيات مثل أفلاطون وأرسطو وإعادة نشرها، وقد قام الرعاة الأثرياء بتمويل الحملات باهظة الثمن عبر جبال الألب بحثًا عن الأديرة المعزولة، وأمضى المبعوثون الإيطاليون سنوات فى الإمبراطورية العثمانية يتعلمون ما يكفى من اليونانية والعربية القديمة لترجمة ونسخ النصوص النادرة إلى اللاتينية.
وكانت عملية استرجاع النصوص الكلاسيكية سارية قبل فترة طويلة من المطبعة، لكن نشر النصوص كان بطيئًا للغاية ومكلفًا للغاية، ويقول بالمر إن أحد الكتب التى تم نسخها يدويًا فى القرن الرابع عشر كان تكلفتها تعادل تكلفة بناء منزل.
ويقول بالمر، إن التعليم كان متاح للأثرياء فقط، لكن بعد ذلك تم وضع مكتبة فى كل بلدة متوسطة الحجم وتواجدت مكتبة فى منزل كل عائلة تجارية ثرية.
مارتن لوثر أول مؤلف يحقق نسبة مبيعات عالية
هناك اقتباس مشهور نسب إلى المصلح الدينى الألمانى مارتن لوثر يلخص دور المطبعة حيث قال"الطباعة هى هبة الله الأسمى والأعظم".
كان لوثر أول من نشر رسالته على نطاق واسع، وقام بتعليق "إصلاحاته الـ 95" إلى باب الكنيسة فى فيتنبرج يوم 31 أكتوبر 1517، ويقول بالمر إن نسخ الأوراق من وثيقة لوثر كانت تتم طباعتها فى لندن فى أسرع وقت ممكن.
وبفضل المطبعة وقوة رسالتها، أصبح لوثر أول مؤلف فى العالم ينتج أعمالا تحقق نسبه مبيعات عالية فى العالم، وزعت ترجمة لوثر للعهد الجديد إلى اللغة الألمانية خمسة آلاف نسخة فى أسبوعين فقط فى الفترة من 1518 إلى 1525 ، كانت كتابات لوثر تمثل ثلث جميع الكتب التى تم بيعها في ألمانيا.