واحدة من أكثر الثورات المصرية التى تعرضت للظلم والتهميش والإساءة إلى رموزها بل والتنكيل بجميع قياداتها كانت الثورة العرابية فى عام 1882م، وذلك بعدما تآمر الخديوى توفيق مع الإنجليز تحت مرأى ومسمع من جميع رجال الحركة الوطنية الذين تخلوا عن عرابى، ووقفوا بجانب توفيق على أنه الحاكم الوطنى.
هكذا أصبحت النظرة لعرابى "سبب الاحتلال البريطانى لمصر" حسبما يرى أعداؤه، بعد هزيمته فى معركة التل الكبير أمام القوات البريطانية، والتى تحل اليوم ذكراها الـ137، إذ وقعت المعركة فى 13 سبتمبر عام 1882م.
ودارت معركة التل الكبير آخر مواجهات العرابيين مع الإنجليز بمنطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية وهزم فيها الجيش المصرى ودخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديوى، ووقع عرابى فى الأسر وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف للنفى لينتهى الأمر بأن تقع مصر تحت الاحتلال الإنجليزى.
وبحسب كتاب "الثورة العرابية و الاحتلال الانجليزى" للمؤرخ عبد الرحمن الرافعى، فإن الجيش البريطانى بقيادة الجنرال ولسلى، بدأ التأهب للتحرك فى مساء يوم 12 سبتمبر، وفى الثانية عشر صباحا تحركت القوات، وأعطى الجنرال ولسلى تعليماته بأن تطفأ الأنوار أثناء السير، حتى لا يشعر العرابيون بزحفه، وكان يتقدم الجيش البريطانى بعد رجال الأسطوال الذين لهم دراية بالاسترشاد بالنجوم لمعرفة خط السير فى الصحراء، ولكن هؤلاء لم يكن فى استطاعتهم الاهتداء إلى مسالك الصحراء، بل كان المرشدون الحقيقون لفيفا من أتباع "حزب الخديوى" حسبما ذكر المؤلف، وأمامهم عربان الهنادى ممن اشترى الإنجليز ذممهم واتخذوهم عيونا لهم وجواسيس.
وبحسب رواية الزعيم أحمد عرابى فى معركة التل الكبير، كما نقلها المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، فإن الزعيم الراحل التقى على باشا الروبى، أحد قادة الجيش، والذى أبدى شعوره بالخذلان إلى عرابى من تصرفات الخديوى توفيق، الذى قام ببعث رسائل يتوعد كبار الضباط، معلنا أن الجيش الإنجليزى لم يحضر إلى مصر إلا خدمة للخديوى وتأييدا لسلطانه، وكانت توزع تلك الرسائل بواسطة محمد باشا أبى سلطان رئيس مجلس النواب آنذاك.
ووفقا لعرابى فإن سبب عدم وجود قوات استطلاع واجهت الإنجليز من طريقها إلى القصاصين إلى التل الكبير يرجع إلى خيانة على بك يوسف، الذى أشاع أنه على علم بأن الجواسيس الإنجليز لا يخرجون فى الليل من مراكزهم، ولذلك لم يفعل ما أمره به على باشا الروبى من عمل خط استحكام من التراب.
ويرى المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، أن معركة التل الكبير كانت سلسلة خيانات وفضائح انتهت بهزيمة الجيش المصرى، ولم يحصل فيها قتال بالمعنى الصحيح إلا من ثلاثة آلاف من الجند، وكانت فيما عدا ذلك أشبه بمهزلة أو مأساة قوامها الخيانة والجبن والجهل بالقيادة الحربية.