تمر، اليوم، ذكرى ميلاد الصوفى الشهير جلال الدين الرومى، الذى ولد فى 30 سبتمبر من عام 1207 ميلادية، لكن قبل الحديث عن جلال الدين.. من هو والده؟
والد جلال الدين الرومى اسمه "محمد أبو الحسين بهاء الدين ولد" "ولد بعد 1148) وكان ملقبا بـ سلطان العلماء.
وُلِد "بها الدين ولد" بـ بلخ، هى الآن فى أفغانستان، سنة 542 هـ / 1148م، ودرس الحديث والتفسير والنحو وغيره من علوم عصره، ولما صار أهلاً للتدريس أخذ إجازة التدريس من "جماعة كبار العلماء" حسبما كان رائجاً فى بلخ، وأقبل الناس عليه يسمعون منه العلوم ويتتلمذون عليه، وبعد عدة سنوات بدأ نشاطه فى التصوف، ووزع أوقات إفادته بين علم القال وعلم الحال والوعظ والخطابة، وكان يُدّرس العلوم من أول الصبح إلى الظهر، وكان يشرح للتلاميذ حقائق التصوف وعلم الإشارة والحال عند صلاة العصر، وكان يلقى الوعظ والخطابة يوم الجمعة فى المساجد.
كان سلطان العلماء بهاء الدين يود أن يهاجر من بلخ ويستوطن موطناً يكون قادراً فيه على نشر آرائه التصوفية والاجتماعية من غير أن يواجه المصاعب، وكان أيضاً يخاف مما يسمعه من ظلم المغول وطغيانهم وفجائعهم، وبذلك كله ترك بلاده نهائياً. فغادر بلخ ومعه أسرته كلها سنة 616 أو 617 ه / 1218 أو 1219 م، ومر فى طريقه بخراسان، وذهب إلى نيسابور، ثم إلى بغداد ومكث بها قليلاً، ثم توجه إلى البلاد الحجازية لأداء فريضة الحج، ثم توجه لبلاد الشام، وخاصة دمشق وحلب، ثم توجه إلى الأناضول ومكث بها مدة فى "لارندة" وهى المعروفة الآن بـ "قره مان"، وبها توفيت والدة جلال الدين الرومى، وتم بناء مسجداً صغيراً تكريماً لها بتلك البلد حيث توفيت، وفى لارندة تزوج مولانا جلال الدين من "جوهر خاتون" الفتاة السمرقندية، ووُلِد له منها ابنه "سلطان ولد" بلارندة سنة 623 هـ / 1226 م.
وأخيراً توجه بهاء الدين ولد وأسرته إلى قونية بتركيا حيث استقر به المقام، فبدأ بهاء الدين بها فعاليات وعظه وتعليمه ونجح نجاحاً كبيراً، وبعد سنتين فقط توفى، فى يوم 18 ربيع الثانى سنة 628 ه / 1231 م، وقيل سنة 618 هـ / 1221 م، والأولى أرجح.
ويقول جلال الدين عن والده أن لقبه "سلطان العلماء" بشره به النبى محمد عليه السلام فى المنام الذى رآه علماء بلخ جميعا فى الليلة نفسها.
وحسب كتاب "هكذا تكلم جلال الدين الرومى" لـ محمد حامد "تذهب بعض الآراء إلى أن أسرة بهاء الدين ولد من جهة أبيه قد انحدرت من سيدنا أبى بكر الصديق، وقد يكون هذا صحيحا وربما لا يكون كذلك، إذ لا شيء معروف عن عن الخلفية العرقية للأسرة وقد قيل أيضا أن زوج بهاء الدين تنتسب إلى بيت الخوارزمشاهية الذين أرسوا دعائم ملكهم فى المناطق الشرقية حوالى سنة 1080 لكن هذه الحكاية يمكن أن ترد بوصفها تلفيقا من المتأخرين.