ما من مكان فى العالم يضم مقابر لكبار ملوك التاريخ، كوادى الملوك بالأقصر، هذا المكان الذى استخدم لأكثر من 500 عام فى مصر القديمة، لتشييد مقابر لفراعنة ونبلاء الدولة الحديثة الممتدة خلال عصور الأسرات الثامنة عشر وحتى الأسرة العشرين بمصر القديمة.
وفى إحدى وديان وادى الملوك العريق، وفى جانبه الغربى المعروف بوادى "القرود" نجحت البعثة الأثرية برئاسة عالم الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس، في العثور لأول مرة على الورش الخاصة بتصنيع وتجهيز الأثاث الجنائزي الخاص بمقابر الملوك، وبجوارها حفرة للتخزين، وأمامها تم الكشف عن فرن لحرق الفخار والمعادن والذي عثر بجواره على خاتمين من الفضة، وكميات كبيرة من العناصر الزخرفية التى استخدمت في تزيين التوابيت الخشبية في عصر الأسرة الثامنة عشر، بالإضافة إلى رقائق من الذهب وبعض العناصر الزخرفية التى كان يطلق عليها جناح حورس.
وبحسب الدكتور زاهى حواس، فى مقال له نشر بعنوان "السر في وادي القرود" بجريدة "الشرق الأوسط" اللندية، فإن وادى الملوك فهو ينقسم إلى واديين؛ الأول ويعرف بالوادى الشرقى، والثانى الوادى الغربى، لذلك يطلق عليهما معاً اسم الواديين، وأطلق على الوادي الشرقي اسم "وادي بيبان الملوك"، أما الوادي الغربي فقد أطلق عليه "وادي القرود"، والسبب فى هذه التسمية يرجع إلى أهالى المنطقة الذين دخلوا مقبرة الملك "آي" التي تأخذ رقم 23 بالوادي وشاهدوا داخلها منظراً لعدد 12 قرداً، وهو أحد المناظر المتصلة بأحد الكتب الدينية والمعروف باسم "كتاب ما هو موجود في العالم الآخر"، وهذا النوع من الكتب كان يساعد الملك في رحلته إلى العالم الآخر.
ولفت "حواس" أن أول بعثة قام بها فى وادى القرود كانت عام 2007، وتوقفت لفترة بعد ثورة 25 يناير، وأضخم بعثة عملت في الوادي الغربي هي البعثة المصرية التي أقودها الآن، وأعلن حينها أنه يبحث عن مقبرة الملكة "عنخ إس إن آمون" زوجة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.
ويرى "حواس" أن الوادي الغربي يعتبر أحد الأودية العملاقة، فهو يتكون من الوادي العلوي، وهو عبارة عن وادٍ ضخم وشديد الاتساع وينحدر إلى أسفل ليصب في الوادي السفلي الصغير الضيق، وهو مكان عمل البعثة الآن، وتسمح هذه المظاهر الجغرافية بتجمع الأمطار الغزيرة بكميات هائلة من الرمال والطمي، وأيضاً الكتل الحجرية الضخمة من الحجر الجيري المتكلس في الوادي الضيق السفلي، وهذا هو سبب وجود كميات الرديم الهائلة في الوادي، ولذلك يحجم العلماء عن العمل في هذا المكان لصعوبة الوادي؛ وأن أي نتائج للبحث تأتي بعد سنوات طويلة من العمل الشاق، وخصوصاً لأن الوادي الغربي يعتبر أكبر مرتين من الوادي الشرقي، ولذلك لن تأتي بعثة أجنبية للعمل بهذا الوادي لأن النتائج غير مضمونة، لذلك ركز العمل في الوادي الشرقي الذي دفن فيه أغلب الملوك، ويعتبر الملك توت عنخ آمون هو ثامن ملك يدفن في هذا الوادي، والملك رمسيس العاشر هو آخر ملك يدفن بالوادي، وكُشف بالوادي الشرقي عن مقبرتين كاملتين؛ الأولى للملك توت، والثانية غير ملكية وهي مقبرة يويا وتويا، أم وأبي الملكة تي، أقوى امرأة في التاريخ الفرعوني، كذلك تم الكشف عن مقبرة الملك أمنحتب الثاني التي عثر بداخلها على مومياء الفرعون داخل التابوت، بالإضافة إلى تسعة مومياوات أخرى داخل حجرة مغلقة في المقبرة.