استطاع الكاتب الصحفى الراحل صلاح عيسى، الذى تمر ذكرى رحيله الشهر الحالى، أن يسرد وقائع قضية "ريا وسكينة" تحت عنوان "رجال ريا وسكينة سيرة سياسية واجتماعية" الصادر عام 2003، بشكل صحفى دقيق من خلال التطلع والبحث فى الدفاتر القديمة.
فى الكتاب خرج صلاح عيسى لتسليط الضوء على القضية بشكل مميز، يتناول من خلالها الحدث بشكل واقعى، وليس مثلما تم نقلها من قبل، بشكل كوميدى وتراجيدى ودرامية وأكشن، ولكن تناول الموضوع بخلط الصحافة مع الإبداع.
فبعد أن تحولت ريا وسكينة منذ القبض عليهما عام 1921 إلى أسطورة فى الخيال الشعبى للمصريين، وكنموذج مخيف ومرعب للشر المجرد، وعدم محاولة المؤرخين طوال كل هذه الأعوام تقصى الحقيقة، فظهر الكاتب الصحفى صلاح عيسى بالتحقيق ليخرج لنا سيرة اجتماعية سياسية منظمة.
ويستند كاتبنا الكبير إلى الملفات القضائية، والوثائق التاريخية، والأرشيفات الصحفية، وعدد كبير من المراجع المعروفة وغير المعروفة ليرسم لنا - ولأول مرة - صورة حقيقية وحية عن هذه الشخصيات المثيرة وأوضاع مصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى ذلك العصر.
وإضافة لأسلوب صلاح عيسى الشيق والممتع يمتلئ الكتاب أيضًا بعشرات الصور الفوتوغرافية للأشخاص والأماكن والوقائع؛ يعطى المؤلف التاريخ حقه بإخلاصه للحقائق الموثقة، ويعطى القارئ حقه فى الاستمتاع باكتشاف هذا التاريخ، وبمعايشة أجوائه وشخصياته، ليخرج العمل بعد ذلك بصورة درامية، حيث تم إنتاج أول عمل تليفزيونى مأخوذ عن الكتاب بعنوان "ريا وسكينة"، بطولة الفنانة عبلة كامل، سمية الخشاب، سامى العدل، ورياض الخولى، ليصبح العمل الدرامى الأكثر تعمقًا وذلك عام 2005، وما زال يذاع إلى وقتنا الحالى، بعد تحقيقه نجاحا كبيرًا.