تلعب الفنون التشكيلية والمقطوعات الموسيقية دوراً محورياً ومهماً في تحسين الحالة المزاجية للفرد، وتساعد في تخلصه من الطاقات السلبية والاضطرابات النفسية من توتر وقلق وغضب، ما حفز منشآت وعيادات طبية في الإمارات على توظيف الفن والموسيقى لتطبيب واستشفاء المرضى، عبر تزيين مستشفيات وعيادات صحية بلوحات تشكيلية وتشغيل معزوفات تبعث على الهدوء والراحة.
ونقلت جريدة الرؤية الإمارتية عن فنانين تشكيليين قولهم ، إن دور الفنون لا يقتصر على عرض اللوحات والاستماع إلى الموسيقى، بل يسهم وبشكل كبير في تحسين الحالة النفسية للمريض، ويدفعه إلى التخيل والتأمل، مشترطين الدراية الفنية بالأعمال المختارة، حيث ليست كل الأساليب الفنية مناسبة في هذا المقام، مشيرين إلى وجوب تفضيل الألوان المشرقة لرسم الفراشات والزهور والشواطئ، إلى جانب انتقاء مقطوعات موسيقية كلاسيكية هادئة لتبعث الراحة والطمأنينة في نفوس مراجعي العيادات والمشافي.
قالت الفنانة التشكيلية فاطمة الحمادي إن دور الفن لا يقتصر على الرسم والتلوين، بل تمتد تأثيراته إلى أن يكون عاملاً فعالاً في التخلص من التوتر والقلق والاضطرابات النفسية لتحسين المزاج والحالة النفسية للفرد.
وذكرت أن بعض المستشفيات والعيادات الطبية وظفت الفن لخدمة المرضى، من خلال عرض اللوحات التي تمتاز بالألوان الهادئة مثل البحر والفراشات والأزهار، ما يشعر المريض بالراحة والهدوء، فضلاً عن الأعمال التي تعبر عن التراث والعادات والتقاليد الإماراتية التي تدخل السرور والفرحة إلى قلوب المرضى من كبار المواطنين، حيث يتذكرون عبرها الماضي ويستدعون الزمن الجميل.
معارض فنية مفتوحة
وأوضح الفنان التشكيلي محمد جاسم أنه من واقع تجربته الفنية ومسيرته الإبداعية في عوالم الفنون التشكيلية، يستطيع الفن إدخال البهجة والاحتفاء بالتفاصيل الصغيرة عند اشتغاله على رسم لوحة، حيث يمتلك جاسم اليوم القدرة التي تمكنه من العمل لـ5 ساعات يومياً من دون تعب أو ملل، وساعده أيضاً على إعادة التأهيل لممارسة الحياة بشكل أفضل.
وأضاف «توظيف الفنون لمساعدة المرضى على التشافي ليس بالأمر الجديد، إذ سعت منشآت طبية منذ سنوات إلى تعميم التجارب الإبداعية لا سيما في الدوائر الحكومية والمرافق الترفيهية، عبر تحويل الأماكن العامة إلى معارض فنية مفتوحة».
موسيقى تبث الطمأنينة
ولم يتوقف توظيف الفن على اللوحات التشكيلية، بل امتد إلى الموسيقى، خصوصاً المقطوعات الموسيقية التي تبعث على الشعور بالاسترخاء والهدوء وتبث الطمأنينة في نفوس المرضى، بحسب ما أكد الفنان التشكيلي إبراهيم العوضي، الذي يرى أن اللوحات الفنية والمقطوعات الموسيقية تلعب دوراً فعالاً في تهيئة المريض لقبول العلاج الدوائي.
وفي حين يرى البعض الخطوة مجرد ترف لا أهمية لها، أكد العوضي أهمية إطلاق ورش عمل فنية مختصة توجه الفنانين إلى إنتاج أعمال ولوحات تناسب بيئة المنشآت الصحية.
ألوان تضبط المزاج
أشارت الفنانة التشكيلية الإماراتية سمية الزرعوني إلى أن الأعمال الفنية التي توظف لخدمة المرضى في المستشفيات تخضع لمعايير محددة على مستوى اللون والشكل، لتتناسب وأجواء المنشآت والعيادات الصحية.
ولفتت إلى أن اللون له دور مؤثر وقوي في تحديد وضبط الحالة المزاجية للمريض، حيث يفضل الابتعاد عن الرسم الواقعي والتركيز على التجريد أو اللوحات الانطباعية التي تحمل مدلولات نفسية، تساعد المتلقي على تذوق الفن بألوانه الهادئة الممتعة، وتفتح الباب على مصراعيه للتخيل والهدوء.
تذوف فني
فيما أكد أطباء أن فوائد النتاج الفني علاجياً مثبت علمياً وعملياً، قام استشاري الأمراض الجلدية، رئيس شُعبة التجميل في جمعية الإمارات الطبية الدكتور أنور الحمادي بتطبيق هذا المنحى في عيادته بدبي عبر عرض لوحات تشكيلية، تمثل بداية رحلة الاستشفاء لمرضاه، عبر التهيئة النفسية منذ ترددهم على العيادة. وقال «الكثير من المستشفيات في العالم تستعين بخبراء لاختيار لوحات تشكيلية يوظفون فيها الألوان والرسومات لتناسب أجواء المستشفيات وتضفي أجواء تدعم العملية العلاجية».