من الكتب المهمة التى تناقش التغيرات الراهنة فى الفكر الأوربى كتاب "عقول خطرة: نيتشه، هايدجر، وعودة اليمين المتطرف" للكاتب رولاند بينير، وصدر ضمن مطبوعات جامعة بنسلفانيا عام 2018.
والكتاب قدم له قراءة حاتم حميد محسن، قال فيها: إن الرسالة الأساسية لـ "عقول خطرة" هى أنه لا وجود لقراءة لنيتشه تجعله مقبولا أخلاقيا لجناح اليسار السياسى أو الوسط، أى تفسير يصفه بهذا هو غير ناضج وخطير.
والكاتب بينير (Beiner) كان يركز على هجوم نيتشه الواضح على الليبرالية والمساواة بما جعله فيلسوفا مؤثرا لليسار، إنها ليست محاولة من نيتشه لإخفاء رؤيته الرافضة للأخلاق الليبرالية، هو أطلق النار عليها من الأعلى، لكى يطرح جداله ضد التفسيرات اليسارية لنيتشه.
ويعمد بينير إلى تكرار بعض تعبيرات نيتشه الشهيرة التى يحرّض فيها على العبودية، وتشجيع التطهير العرقى، وكراهيته العميقة ورفضه للمساواة الإنسانية.
بعض الباحثين فى نيتشه يمنحون العذر لهذا العنف المتطرف من خلال قراءته باعتباره استعارات غير حقيقية وبلاغات ساخرة، هى لم تكن توجهات ضرورية مرشدة للفعل. رغم أن نيتشه يترك نفسه مفتوحا للتفسيرات، لكن لا دليل على أنه ليس خطيرا ومميتا فى هذه القضايا.
وهناك جزءان أساسيان واضحان لفلسفة نيتشه، أولهما أنه يجد المساواة انحدار أخلاقيا مثيرا للاشمئزاز، وهو يريد للإنسانية أن تخرج من فكرة الأخلاق العالمية، فكل فرد يجب أن يقرر دليله الأخلاقى، أما مفاهيم الخير والشر فيجب إلغاؤها، "بينير" يذكّر الليبراليين بأن الالتزام بالمساواة الإنسانية فيما يتعلق بالحقوق والحرية أو اعتبارات الكائن الأخلاقى هى المبدأ المعرّف لأى أخلاق فى مرحلة ما بعد التنوير، إنها لا يمكن التفاوض عليها. لكن أى نوع من المساواة، وأى شفرات اجتماعية مرتكزة على المساواة، هى ببساطة تثير الكراهية الشديدة لدى نيتشه، وبصرف النظر عن قراءتك لأكثر أقوال نيتشه الصادمة، فإن فلسفته الأخلاقية لا يمكن أن تمثل أى نوع من سياسات اليسار أو الوسط.