يستكشف الكاتب العالمى هشام مطرالحياة الفنية فى مدينة سيينا الإيطالية، من خلال كتابه الجديد "شهر فى سيينا- الفن والحب والخسارة". هشام مطر كاتب ليبى حاز على جائزة بوليتزر الأدبية عن كتابه مذكراته "العودة" التى يروى فيها وفاة والده الليبى.
بدأ إلهام مطر بمدرسة سيينا للرسم عندما كان طالبًا يبلغ من العمر 19 عامًا فى لندن، فى تلك السنة تم اختطاف والده المعارض لنظام القذافى فى القاهرة، كان يعيش فى المنفى ونُقل جواً إلى ليبيا، سُجن ثم اختفى.
وصفت مذكرات مطر كيف عاد إلى ليبيا بعد أكثر من 25 عامًا لمعرفة ما حدث لوالده، ظلت تلك التجربة المؤلمة معلقة فى كتابه الجديد، حيث يجلس مطر فى مقبرة شاسعة خلف سور مدينة سيينا مباشرة، سافر إلى هناك لمشاهدة اللوحات الشهيرة فى المدينة، هذه الرحلة وعد بها نفسه للقيام بها منذ سنوات عديدة، لكنه كان يدرك أنه ما زال عالقًا فى المياه المضطربة التى أثارها كتابه السابق، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع "الجارديان".
عندما تم اختطاف والده، بدأ يزور المعارض الفنية فى أوقات الغداء، ويقضى ساعة كاملة يدرس لوحة واحدة فقط، منها لوحة "البشارة" للمكفوفين للفنان دوشيو، فهذه اللوحة صورت شكل للدراما المعلقة التى أصبحت ضرورية له.
"شهر فى سيينا"، يتحدث عن المدينة وشعبها بقدر ما هو عن الأعمال الفنية الشهيرة، ويدور الكتاب حول إقامته فى شقة كانت ذات يوم جزءًا من قصر قديم بسقوف جصية وغرف متناسبة تمامًا.
يكتب مطر ذكريات المدينة الجميلة التي تعود إلى العصور الوسطى، المدينة لديها جدار مهيب لصد الغزاة، وبداخلها متاهة بها ممرات ضيقة، إضافة إلى أن المدينة بها ساحة "بيازا ديل كامبو" التى لا مثيل لها.
كل يوم بعد زيارته لمعرض يسير مطر إلى سور المدينة ويعود إليه ويقول: "غالبًا ما شعرت كما لو كنت أتتبع حدود نفسى وتصبح إقامتى في سيينا بمثابة استكشاف شخصى عميق لـ "الذات المدينة".
كان مطر متصالح مع فقدان والده والاعتراف أخيرًا بالحقيقة المؤلمة، قائلا: سيتعين علىّ أن أعيش بقية أيامى دون معرفة ما حدث لوالدى، كيف أو متى مات أو مكان رفاته".
هذا الكتاب صغير الحجم والمنتج بشكل جميل، ويتضمن رسومات توضيحية للوحات الرئيسية، يتلألأ بملاحظات رائعة على الفن والعمارة والصداقة والخسارة.
جدير بالذكر أن مدينة سيينا تقع بوسط إيطاليا في إقليم توسكانا، وهي عاصمة مقاطعة سيينا، تشتهر عالميا بموروثها الفني وصناعة الأثاث . وقد عدت المدينة ضمن الموروث الأنسانى من اليونسكو، وتشتهر بسباق الباليو وهو سباق خيول تقليدى يقام صيف كل عام في ساحة دل كامبو، ويأتى إليه سياح كثيرون من كل بقاع الأرض ويعتبرون سببا من أسباب انتعاش سيينا الاقتصادى.