لقد أغرق الطوفان الأرض من قبل، لن تجد أحد ينكر هذه المعلومة، الثقافات الشعبية والأديان جميعها تؤكد أن الله جعل الماء يطغى على الأرض، ولم ينج سوى المؤمنين.. لكن كيف صورت الثقافات والأديان هذه الحادثة.
في القرآن الكريم، حدث ذلك في زمن سيدنا نوح عليه السلام، بعدما ظل يدعو قومه سنين عددا لكن لم يؤمن معه سوى قلة، عند ذلك أمره الله تعالى بأن يبنى سفينة، وأن يدعو المؤمنين، وأن يأخذ معه من زوجين من كل الكائنات على ظهر الأرض، وعندما تم ذلك انهمر الماء فأغرق كل شيء على ظهر البسيطة.
أما فى الهند فنجد مثلاً سمكة هى من حذرت "مانو" من الطوفان المقبل، ونصحته ببناء السفينة، وذلك فى الأسطورة الهندية عن الطوفان.
وفى الأسطورة اليونانية، قرر الإله زيوس القضاء على الجنس البشرى بطوفان ضخم يغمر الأرض، لكن رجلاً وامرأة لم يشاركا فى الجرائم التى ارتكبت على الأرض، فاختارهما زيوس لتحذيرهما قبل الطوفان، وبنيا صندوقًا يطفو على سطح الماء، وبعد أن انحسرت المياه بعد مرور 9 أيام، شعر الزوجان بالوحدة، فأخبرهما هيرميس أن يذهبا إلى وادى صخري، وأن يلقيا الصخور بأيديهما لتتحول إلى بشر، وفى التراث الأفريقى، ذهبت "ماعز" إلى فتاة تحنو عليها وأخبرتها بقرب حدوث الطوفان، ونصحتها بمغادرة القرية هى وشقيقها قبل أن تهلك مع الباقين.
أما قصة الطوفان السومرية، فالقصة تتحدث عن ملك يسمى (زيوسودا) كان يوصف بالتقوى ويخاف من الله، ويكب على خدمته فى تواضع وخشوع، أخبر بالقرار الذى أعده مجمع الآلهة بارسال الطوفان الذى صاحبه العواصف والأمطار التى استمرت سبعة أيام وسبع ليال، يكتسح هذا الفيضان الأرض، حيث يوصف (زيوسودا) بأنه الشخص الذى حافظ على الجنس البشرى من خلال بناء السفينة.
أما قصة الطوفان البابلية، حسب ملحمة جلجامش، أنه كان هناك رجل يسمى جلجامش أمرته الآلهة بان يبنى سفينة، وأن يدع الأملاك، وانه حمل على ظهر الفلك بذور كل شىء حى، والفلك التى بناها كان عرضها مثل طولها وأنه قد نزل مطر مدرار.
وفى التوراة، وردت هذه القصة فى الإصحاحات من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجرى أحداثها على النحو التالي: رأى الرب أن شر الانسان قد كثر فى الأرض، فحزن أنه عمل الانسان فى الأرض وتأسف فى قلبه، وعزم على أن يمحو الانسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض، وأن يستثنى من ذلك نوحا" لأن كان رجلا" بارا" كاملا" فى أجياله، وسار نوح مع الله وتزداد شرور الناس، وتمتلئ الأرض ظلما" ويقرر الرب نهاية البشرية، ويحيط نوحا" علما" بما نواه، آمرا" إياه بان يصنع فلكا" ضخما"، وان يكون طلاؤها بالقار والقطران من الداخل ومن الخارج، حتى لا يتسرب إليها الماء، وان يدخل فيها اثنين من كل ذى جسد حى، ذكرا وأنثى، فضلا" عن امرأته وبنيه، هذا إلى جانب طعام يكفى من فى الفلك وما فيه ( تك 6 : 1 – 22 )
ويكرر الرب أوامره فى الإصحاح التالى فيأمره أن يدخل الفلك ومن معه، ذلك لان الرب قرر أن يغرق الأرض ومن عليها بعد سبعة أيام، وذلك عن طريق مطر يسقط على الأرض أربعين يوما وأربعين ليلة، ويصدع نوح بأمر ربه فيأوى إلى السفينة ومن معه وأهله، ثم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء، واستمر الطوفان أربعين يوما على الأرض وتكاثرت المياه ورفعت الفلك عن الأرض وتغطت المياه، ومات كل جسد يدب على الأرض، ومن الناس والطيور والبهائم والوحوش، وبقى نوح والذين معه.