فشلت الثورة العرابية فى مصر، وصار لزاما على زعمائها أن يواجهوا المحاكمة، وهذا ما حدث فى يوم 3 ديسمبر من عام 1882.
وقد صدر الحكم بإعدام أحمد عرابى ومحمود سامى البارودى وعلى فهمى وعبد العال حلمى ثم استبدل الحكم بالنفى المؤبد إلى جزيرة سيلان مع تجريدهم من الرتب العسكرية ومصادرة أملاكهم، وحكم على المصريين من أمثال الشيخ محمد عبده بالنفى خارج مصر.
"أحمد عرابى باشا، أنت متهم الآن أمامنا بناء على قرار لجنة التحقيق بجريمة عصيان سمو الخديو، مخالفًا بذلك المادة 96 من القانون العسكرى العثمانى والمادة 59 من قانون العقوبات العثمانى، فهل أنت مذنب أم غير مذنب؟".
تفاصيل المحاكمة
عقدت المحكمة العسكرية برئاسة محمود رؤوف باشا يوم 3 ديسمبر 1882 بوزارة الأشغال الساعة التاسعة ونصف صباحا لمحاكمة عرابى أولا ولم يكن الجمهور يعلم بالموعد المحدد لانعقادها فلم يحضر الجلسة سوى نحو 40 من النظارة منهم عشرون من مراسلى الصحف.
وبعد ذلك تمت محاكمة رفاق عرابى الستة وهم محمود باشا سامى البارودى ومحمود باشا فهمى ويعقوب سامى باشا وعبد العال حلمى باشا وعلى باشا فهمى الديب وطلبة باشا عصمت، فهل كانت المحاكمة التى تمت فى ذلك اليوم صورية؟
يقول عبد الرحمن الرافعى فى كتابه "الزعيم الثائر أحمد عرابى": "حوكم عرابى وصحبه أمام محكمة عسكرية مصرية بتهمة عصيان الخديو، واهتم بأمره منذ القبض عليه المستر ولفر بلنت المستشرق الإنجليزى، الذى ناصره، منذ ابتداء الحركة والمشهور بمناصرته لمصر والمصريين، وسعى جهده فى إنقاذ عرابى من الإعدام، ولم يكن هذا المسعى من صالح عرابى فى شىء، لأن حياته فى الواقع لم تكن لها قيمة بعد الهزيمة، وقد اختار له المستر بلنت باتفاقه مع السلطات الإنجليزية اثنين من المحامين الإنجليز، وهما المستر بوردلى والمستر نابيه للدفاع عنه أمام المحكمة العسكرية.
واستقر رأى الإنجليز على أن يقدم "عرابى" وصحبه أمام المحكمة العسكرية بتهمة عصيان الخديو، واستبعاد تهمة مذبحة الإسكندرية، وتهمة إحراقها وأن يعترفوا بجرمهم وأن يستبدل الخديو بحكم الإعدام النفى المؤبد، وأن يصدر بعد ذلك مرسوم بمصادرة أملاكهم مع عدم المساس بأملاك زوجاتهم، وأن تقرر الحكومة لكل منهم معاشا يفى بحاجاتهم مع حرمانهم رتبهم وألقابهم فارتضى العرابيون هذا المصير، وعلى ذلك جرت المحاكمة وكانت بعد الاتفاق المتقدم ذكره، محاكمة صورية عرفت نتائجها قبل انعقاد المحكمة، ولم تدم سوى يوم واحد.