يقول كتاب التكفير فى الخطاب الإسلامى القديم لـ عمار بنحمودة الصادر عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود، إنه محاولة للتعامل مع التراث بأدوات منهجيّة حديثة.
وقد برهن صاحبه عن جرأة علميّة فى مقاربة مسألة مغلّفة بالمقدّس، فأخضعها للدّرس الموضوعى هى "التكفير فى الخطاب الإسلامى" وتكمن أهميّة المسألة فى كون التكفير اخترق كلّ المجالات باعتباره سلاحًا تعتمده المنظومات والمؤسّسات التى تمتلك سلطة دينيّة وسياسيّة.
يقول الكتاب لمّا كان فهم التكفير باعتباره ظاهرة حيّة وراهنة يتطلّب المعرفة بالتطوّر التاريخى لهذه الظاهرة وبفهم آلياتها وخلفياتها ورهاناتها فى الفكر الإسلامى القديم، كان المجال الزمنى القديم إطارًا للبحث، يبدأ ببداية العهد النبوى وينتهى بأواسط القرن السادس الهجريّ. وهى فترة تأسيسيّة برزت فيها أهمّ المصنّفات الخاصّة بالتكفير، واستقرّت أهمّ المفاهيم والآليات المتعلّقة به. لكنّ الباحث آثر أن تكون أدوات التحليل والتفكيك والنقد منتمية إلى المجال الحديث.
وتكمن أهميّة الكتاب فى مقاربته التكفير من خلال بعدين أساسيين ارتبطا به، هما: الشرعيّة من جهة والعنف من جهة أخرى. ومن الأسس التى قام عليها هذا الكتاب تنوّع المصادر والمراجع، وعدم التقيّد بمصادر مذهب واحد فى فهم التكفير لأنّه لا يمكن فهم الإسلام فهماً موضوعيّاً إلاّ فى وجوهه المتعدّدة والمتنوّعة. فالتكفير يظلّ من مقتضيات المأسسة والحفاظ على السلطة، ولكنّه يصير فى المقابل خطراً على الفكر والحضارة لأنّه يقضى على التنوّع ويغتال النقد وينسف كلّ صروح الفكر والعقل. والتكفير مفهوم تاريخى صنعه البشر، وإن كانت نشأته فى حضن النصّ الدينيّ؛ فقد تطوّر فى تفاعل مع الواقع، ولم يثبت على حال واحدة عبر العصور.
والمؤلف عمّار بنحمّودة باحث تونسى، حاصل على الدكتوراه فى اللغة والآداب والحضارة الإسلامية، تخصّص حضارة، له مجموعة من البحوث والمقالات المنشورة فى كتب جماعيّة ومجلّات محكّمة، وصدر له كتاب "أثر المعتزلة فى الفكر الإسلامى الحديث" عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود والمركز الثقافى العربى ) 2014.