فى 8 من شهر ديسمبر عام 1897 رحل الإمام المهدى العباسى، شيخ الجامع الأزهر ومفتى مصر، وهو أول من جمع بين منصبى الإفتاء ومشيخة الأزهر، وقد تولى الإفتاء وهو فى العشرين من عمره.. فكيف حدث ذلك؟
ولد الشيخ المهدى العباسى فى عام 1827 بمدينة الإسكندرية، وكان يدرس فى الأزهر الشريف، وعندما ذهب إبراهيم باشا ابن محمد إلى الأستانة كى يحصل على فرمان بتوليه ولاية مصر قابل هناك شيخ الإسلام عارف بك، فأوصاه خيرًا بذرية الشيخ محمد المهدى الكبير، وأن يولى منهم من يصلح لمنصب أبيه، فاستجاب إبراهيم باشا لوصية شيخ الإسلام وحرص على استرضائه، فعزل المفتى القديم، وأقام محمد المهدى فى منصبه.
ولحل هذه المشكلة عقد مجلس علماء بالقلعة، واتفقوا على تعيين أمين للفتوى يقوم بشؤونها حتى يتأهل المهدى ويباشرها بنفسه.
وفى عهد الخديوى إسماعيل تولى محمد المهدى مشيخة الأزهر فى 1870 خلفاً للشيخ مصطفى العروسى، مع احتفاظه بمنصب الإفتاء، فكان أول من جمع بين المنصبين، وكان أول حنفى يتولى مشيخة الأزهر وأصغر من تولى المشيخة طوال تاريخها فقام بتنظيم شئون الأزهر الإدارية والمالية، واستصدر قراراً من الخديوى بوضع قانون للتدريس بالأزهر فكانت أول خطوة فى إصلاح نظم الأزهر وتطوير الدراسة به واختيار القائمين على التدريس به وفق شروط صارمة وقاسية إلى أن جاء الإمام الإنبابى شيخاً للأزهر خلفاً له فى 30 نوفمبر 1886 ، وقد كرمته الدولة العثمانية، بمنحه كسوة التشريف والوسام العثمانى الأول فى 1892، ومن مؤلفاته الفتاوى المهدية فى الوقائع المصرية.