فى سوريا يوم 12 ديسمبر من عام، 1098 أثناء الحملة الصليبية الأولى، وقعت واحدة من أشهر المجاز الإنسانية فى تاريخ العلاقة بين الشرق والغرب هى مذبحة "معرة النعمان".
حدثت المذبحة بعدما نجح الصليبيون فى حصار مدينة معرة النعمان فى سوريا، وصل إليها الصليبيون فحاصروها لأسابيع، ثم تفاوض أحد قادتهم مع أهلها وتعهد لهم بالأمان مقابل الاستسلام، إلا أن هؤلاء ما إن دخلوا المدينة حتى ارتكبوا المجزرة المرعبة، حيث قتل نحو 20 ألف إنسان من سكان المدينة.
وذكرت كتب التاريخ أن جرائم وصلت حد أكل لحوم البشر، فيقولكتاب (الحروب الصليبية كما رآها العرب) لـ أمين معلوف "فى الأشهر الأولى من عام 1098 كان أهل المعرة قد تابعوا بقلق معركة أنطاكية التى تدور رحاها على مسيرة ثلاثة أيام فى الشمال الشرقى من مدينتهم. وقد قام الفرنج بعد فوزهم بنهب بعض القرى المجاورة دون أن يتعرضوا للمعرة، لكن بعض عائلاتها آثرت تركها إلى أماكن أكثر أمانا مثل حلب وحمص وحماة، ولقد اتضح أن مخاوفهم كانت فى محلها، حين حضر فى نهاية شهر نوفمبر آلاف من المحاربين الفرنج فأحاطوا بالمدينة".
ويتابع الكتاب "وجاء مساء الحادى عشر من ديسمبر، وكان الظلام حالكا، فلم يجرؤ الفرنج على التوغل فى المدينة، واتصل وجهاء المعرة بـ"بيمند" صاحب أنطاكية الجديد الذى كان على رأس المهاجمين، ووعد الزعيم الفرنجى الأهالى بالإبقاء على حياتهم إذا توقفوا عن القتال وانسحبوا من بعض الأبنية، واستكانوا بيأس إلى كلامه فاحتشدت العائلات فى بيوت المدينة وأقبيتها تنتظر طوال الليل وهى ترتعد".
وعند الفجر وصل الفرنج، يقول "ابن الأثير" "فوضع الفرنج فيهم السيف ثلاثة أيام فقتلوا ما يزيد عن مائة ألف وسبوا السبى الكثير"، ورغم أن أمين معلوف يشكك فى الرقم "مائة ألف" لكنه يؤكد وقوع الكارثة.
كما يورد الكتاب قول المؤرخ (راو لدى كين) الذى كتبه بعد تسع سنوات من وقوع المذبحة يقول "كان جماعتنا فى المعرة يغلون وثنيين (يقصد مسلمين) بالغين فى القدور ويشكون الأولاد فى سفافيد ويلتهمونهم مشويين".
كما يورد (أمين معلوف) رسالة وجهت إلى البابا فى وقتها وفيها "اجتاحت الجيش مجاعة فظيعة فى المعرة وألجأتهم إلى ضرورة جائرة هى التقوت بجثث المسلمين".
يقول الكتاب "ولن ينتهى عذاب مدينة أبى العلاء (يقصد معرة النعمان" إلا فى الثالث عشر من يناير 1099 عندما سيسلك الأزقة مئات من الفرنج مسلحين بالمشاعل فيضرمون النار فى منزل".