صدرت حديثا رواية "المايسترو" لـ الكاتب سعد القرش عن دار العين للنشر وفيها يبتعد كثيرا، هناك فى الخليج، على قارب فقير صنعه شاب هندى بمهارة فطرية، خلال بضع ساعات من غروب الشمس إلى منتصف الليل، أربعة رجال من العرب والأجانب توحدهم الأشواق والهموم والشجون، فوق هذا القارب الذى يجرفه التيار ببطء نحو يخت كبير فى مياه الخليج، ليس بين شركاء السهرة ما يدعو إلى الخوف، ويعلمون أنهم سيتفرقون فى منتصف الليل، ولن يلتقوا مرة أخرى، فيفتحون قلوبهم ويتسامرون فى ما يشبه الاعترافات، عن الخطايا والخوف والسفر والحب والحنين والطموح إلى العدل، ويتحاورون حول الأديان والعقائد والثقافات والتقاليد، وهم فى حالة من السماحة والإيمان بسعة العالم للأمم كافة.
هؤلاء هم: العامل الهندى الشاب «أنيل»، والعامل التّبتى «تسو» الحالم بالعودة إلى بلاد يتزامن احتلالها مع سنة ميلاده، و«نوّاف» ابن البلد الذى ينتظر الإنصاف، والمحامى المصرى «مصطفى» البوهيمى الشبيه فى ملامحه النفسية من بطل «النبى» لجبران خليل جبران، وقد أتى لأداء مهمة محددة، يعود بعدها إلى زوجته لورا فى الولايات المتحدة.
تنفتح الرواية على آفاق إنسانية يمثلها أبطالها الأربعة الذين يجمعهم العشاء فى القارب، قبل وداع مصطفى. عشاء أخير يضم الطعام والشراب وحكايات تمتد إلى الماضي، عن تجارب مبهجة ومريرة، يسردونها فى دعة وغضب، إذ لا يتفقون إلا على عدم احتمال قبح العالم، ذلك القبح الذى يتجلى بالقرب منهم، وتكاد امرأة تدفع ثمنه حين يتم إلقاؤها فى المياه، ولكنهم يتمكنون من إنقاذها. وقبل المغادرة تبدو بشائر زلزال كبير، بانتظار من يعلن نفيرا يخرجهم إلى النهار.
ومن أجواء الرواية:
"يلتحم القارب باليخت، يقترب فى وداعة لا اصطدام؛ فلا يُسمع له صوت. وفى الأعلى لا ينكسر الظلام ولو بضوء شمعة، وعلى حافة هيكل الظلام جمرة تتقد، ثم تخبو ويعاد إشعالها. يحذرهم نوّاف أن يرفعوا أصواتهم، ثم يمنعهم عن الكلام تماما؛ لو عرف الأعلون بوجود أحد فى الأسفل، لما ترددوا فى إطلاق النار".
وسعد القرش روائى مصرى له خمس روايات «حديث الجنود» 1996، «باب السفينة» 2002، و«ثلاثية أوزير» التى تضم: «أول النهار» 2005، «ليل أوزير» 2008، «وشم وحيد» 2001. ونالت «أول النهار» المركز الأول لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى (الدورة الأولى 2011)، وفازت «ليل أوزير» بجائزة اتحاد كتاب مصر عام 2009، وله أيضا كتب منها: "الثورة الآن.. يوميات من ميدان التحرير» 2012، «فى مديح الأفلام» 2006، «سبع سماوات» الفائز بجائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة (2008 ـ 2009)، «قبل تشييع الجنازة.. فى وداع مهنة الصحافة» 2020 وهو صادر حديثا عن دار ابن رشد فى القاهرة.