صدر حديثا الجزء الثالث من يوميات ليف تولستوى، ترجمة يوسف نبيل عن دار نشر آفاق، ويتناول الجزء الجديد الفترة من بين عامى 1890 – 1895.وتدور اليوميات لـ تولستوى بشكل عام فى ثلاثة خطوط، الأحداث اليومية – أفكاره الفلسفية والدينية والأدبية – تفاصيل التفكير فى مشروعاته الأدبية، سواء كانت روايات أم قصص أم مقالات.
تتناول اليوميات فى هذه الفترة أحادث المجاعة التى حدثت فى بعض أجزاء روسيا فى الفترة 1891 – 1892، وتفاصيل تكريس تولستوى لمعظم وقته فى هذه الفترة لنجدة المتضررين من المجاعة بمساعدة جدية من زوجته وأسرته، وتزداد علاقة تولستوى بتشيرتكوف قوة فى هذه الفترة، الأمر الذى يؤثر بالسلب على علاقة تولستوى بزوجته، حيث ترى أن تشيرتكوف يدفعه صوب مزيد من التطرف فى وجهات نظره الدينية ويؤثر بالسلب على علاقته بأسرته. ينشغل تولستوى فى هذه الفترة بنوفيلته: "سوناتا كرويتزر" ومسرحيته: "ثمار التنوير". نُشِرت النوفيلا فى 1889، لكن فى العوام اللاحقة تثير الكثير من التساؤلات وتنهمر الخطابات على تولستوى بشأنها فيكتب تعقيبًا عليها. تُعرض المسرحية للمرة الأولى فى 1890. فى عام 1893 تكتمل النسخة الأولى من عمل تولستوى الخالد: ملكوت الله بداخلكم، وهو كتاب عن فلسفته فى عم مقاومة الشر بالعنف؛ وهو الكتاب الذى سيكون له أبلغ الأثر على غاندى وتكوين حركته السياسية السلمية. يكتب كذلك تولستوى فى هذه الفترة مقالته: لماذا يُخدِّر البشر أنفسهم؟ و"الدرجة الأولى" و "المسيحية والوطنية" ومقدمة لبعض قصص موباسان المترجمة إلى الروسية.
كما تمتلئ اليوميات بالتأملات والأفكار التى يدونها بكثافة بشكل يومى فى دفتر مستقل ثم يعود لكتبها مرة ثانية فى دفتر يومياته.
ومن أجواء الكتاب:"غريب هو الاهتمام بكمال الشكل. إنه لا يأتينا عبثًا، لكن ذلك مرهون بجودة المضمون. لو كان جوجول قد كتب مسرحياته الكوميدية على نحو أخرق ضعيف لما قرأها واحد على مليون من عدد الناس الذين قرأوها حتى اليوم. لا بد للعمل الفنى من الصقل والتهذيب كى يمكنه اختراق الهدف. الصقل هنا يعنى أن نجعله كام من الناحية الفنية، وحينها سيتغلب على اللا مبالاة ويشق طريقه عبر تكرار قراءته".
"الضغينة التى تحملها لشخص واحد تُفسد الروح بقدر ما تفسده الضغينة التى تحملها للعالم كله، ولهذا فكاليجولا الذى رغب فى أن تكون ثمة رأس واحدة للبشرية جمعاء كى يمكنه قطعها ليس أكثر شرًّا من زوج لا يحب زوجته ويرغب فى التخلص منها. الضغينة، كالحب، ليست نتاجًا كيميائيًّا، بل هى نتاج عضوي، كالخميرة التى يمكن لقطعة صغيرة منها أن تُخمِّر العجين كله".