يعرف كل من شاهد فيلم "وا إسلاماه" مشهد الطفل المنصور بن عز الدين أيبك الذى كان يهتف "أبويا أبويا" وكان أيبك يخفيه عن الجميع، ويقول التاريخ بأن ذلك الطفل قد تولى حكم مصر بعدما قتل والده، فهل كان هذا الطفل "أهبل" حقا؟
يقول كتاب "تاريخ مصر الحديث" لجرجى زيدان تولى نور الدين أيبك والمعروف بالمنصور حكم مصر بين عامى 1257 – 1259 ميلادية، وكان فى الخامسة عشر من عمره، وعندما بويع قبض على شجر الدر وعهد بها إلى نساء بيته فأماتوها ضربا بالقباقيب على رأسها وطرحوا جثتها فى خندق القلعة فأكلت الكلاب نصفها ودفن النصف الباقى قرب مدفن السيدة نفيسة.
أما نور الدين على فلم يحكم إلا مدة قصيرة تحت مناظرة وصية شرف الدين هبة الله، ولم يلبث حتى استبدله بسيف الدين قطز مع لقب أتابك، أى وصى الملك ونائبه، ولما تولى سيف الدين هذا المنصب استقدم إليه المماليك من سوريا وعقد معهم مجلسا أقروا فيه بعدم لياقة نور الدين للأحكام نظرًا لصغر سنه وأذاعوا ذلك فأنزلوا نور الدين فى 4 ذى القعدة سنة 657 ه أى بعد سنتين وبايعوا سيف الدين قطز.
ويرى البعض أن السبب لهذا العزل كان "هجوم التتار" على الدول العربية والإٍسلامية، فقد اقتحم المغول بقيادة هولاكو الحدود الشرقية للعالم الإسلامى وتقدموا نحو بغداد.
وفى شهر فبراير عام 1258 استباح بغداد التى كانت دار الخلافة العباسية وارتكبوا أشنع المذابح وقتلوا الخليفة العباسى المستعصم بالله الذى منحهم النقود والهدايا ربما لسوء التقدير ولعدم إدراكه بأهداف هولاكو وأطماعه.
المؤرخ ابن أيبك الدوادارى وصف الخليفة البغدادى بأنه "كان فيه هوج، وطيش، وظلم، مع بله، وضعف، وانقياد إلى أصحاب السخف. يلعب بطيور الحمام، ويركب الحمير المصرية الفرء".
أرسل الناصر يوسف بابنه العزيز إلى هولاكو محملا بالهداية ورسالة ترجو منه مساعدته فى الاستيلاء على مصر فطلب منه هولاكو إمداده بعشرين ألف فارس. ولما علم المماليك المقيمون فى الكرك بما يجرى طلبوا من المغيث ملك الكرك مهاجمة مصر للاستيلاء عليها فوافق المغيث وأرسل جيشا إلى الحدود المصرية حيث هزمته قوات قطز.
وبعد فرار المغيث إلى الكرك عاد قطز إلى قلعة الجبل وأمر بإعدام بعض المماليك والأمراء الذين تنكروا له أثناء المعركة.
وبعد أن هدد هولاكو الناصر يوسف فى دمشق أرسل إلى مصر رسالة استغاثة، فاجتمع الأمراء ببلاط الملك المنصور على فى قلعة الجبل، وكان قطز ساخطًا على لامبالاة المنصور على تحكم أمه به وتدخلها فى شئون السلطنة قال للأمراء إن الموقف يحتاج إلى سلطان قوى قادر على التصدى للعدو المغولى والملك المنصور على صبى صغير غير قادر على حكم المملكة.
ثم قام قطز باعتقال المنصور على وأخيه قاقان وأمهما داخل برج بالقلعة، وبذلك تم خلع المنصور على بعد أن حكم لمدة سنتين ونصف تقريبا. ونصب قطز سلطانًا بعد أن وعد الأمراء بالاستقالة بعد النصر على المغول.
أرسل المنصور على وأخوه وأمهما إلى دمياط ثم أبعدوا إلى بلاد الأشكرى (الأراضى البيزنطية)، وهناك تنصر المنصور وتسمى ميخائيل بن أيبك وتزوج وجاءته أولاد نصارى، وعاش إلى نحو سنة 700 هـ كما ذكر أخوه (قَليج قَان) للمؤرخ شمس الدين الذهبي.
وذكر ابن إياس فى بدائع الزهور خلاف ذلك فقال إنه اعتقل فى برج السلسلة فى دمياط حتى توفى.