من الملفات المهمة التى ناقشتها مؤسسة مؤمنون بلا حدود "الهوية والاختلاف والتعدد" والذى شارك فيه مجموعة من الباحثين، وفيه حديث مهم عن "وجوب التّمييز بين التّعدّد بوصفه مجرد تكثر للمختلف وبين التَعدديّة بوصفها ترتيبا يُدَّحَلْ بِوَعْى على أَشيّاء العالّم ومَؤْجُوداته وظواهره، بما يجعلها صِناعَة لها سياقات وفاعلون تتباين مواقعهم واستراتيجياتهم ومواردهم".
ويقول الملف "فى المرور من التعدّد، الذى قد يكون «طبيعياً»، إلى التعدّديّة التى لا تكون إلا إنتاجاً اجتماعياً تاريخياً، تَنْبَنِى جَمْلةُ من الحقوق، تكون محل تنافس بين قوى اجتماعيّة متخالفة. ولئن أمكن إدارة تناقضات التعدّد السياسى فى ما يعرف بالديمقراطية، فإنها قصرت عن إدارة التعدد الجنسى والجندرى العرقى والقِيّمى والثّقافى والمعرفي... بحيث تُراوح الإنسانيةٌ التوثرَ بين القبول المتنازل، وهندسات التسامح، وسياسات التّمييز الإيجابي، وفلسفات الاعتراف".
ويتابع الباحثون، لقد كابدت التعدّديّة الثقافيّة أثر التصرّرات التطوّريّة والمركزيّة والعنصريّة التى تلسبست بالعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة الحديثة، إذ إلى وقت قريب، كان يُعتقّد فى «تَجَانْس» الثقافات القوميّة فى معنى طَمْس التعدّد المتنوّع المزرْكَش لمكوّناتها الإثنيّة واللغويّة والمذهبيّة والدّينيّة والاجتماعيّة وَالجَنْدَرِيّة. وعلى الرْغم من «إنجازات» الدولة العربيّة ما بعد الاستعماريّة فى هذا المضمار على امتداد النصف الثانى من القرن العشرين، فقد استديمت أمداء الطّمس المْبَرْمّح للتنوّع الثقافى العربى الداخلي، مُنْبئَة عن عجز فادح فى الانتقال من حال التعدّد إلى حالة التعددية.
وفى هذا المَصَنَّف الجماعى نصوصٌ تعالج القضايا السّابقَ عرضها على امتداد سبعة فصول وزعت على ثلاثة أقسام يحتوى الأول منها على ثلاثة نصوص من طبيعة نظرية ومفهومية فى حين ينقسم كل واحد من القسمين اللاحقين إلى فصلين فى كل فصل نص يبحث حالة خصوصية.